شهدت الولايات المتحدة مظاهرات حاشدة خلال اليومين الماضيين، احتفالاً بما وصفه المشاركون بـ “عام على الإبادة وعام على المقاومة”، بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لـ “طوفان الأقصى” والعدوان الإسرائيلي على غزة. وفي مدينة دالاس، توافد عدد كبير من الأشخاص من خلفيات متنوعة، بما في ذلك العرب والمسلمين والمكسيكيين وأفريقيا أمريكيين والسكان الأصليين، لإحياء القضية الفلسطينية والتضامن مع الشعب الفلسطيني. وأرجع المشاركون في المظاهرات أهمية هذا الحدث إلى ضرورة التذكير بالظلم الواقع على الفلسطينيين وللضغط على الحكومة الأميركية للتغيير في سياستها.
في كلمة له خلال المظاهرة، أشار الدكتور عمر سليمان إلى فرادة هذه الذكرى، موضحاً أنه بالرغم من أن الولايات المتحدة وكندا تحتفل بذكريات الإبادة للسكان الأصليين وتأسيس تماثيل إحياءً لها، فإن الأمر مختلف عندما يتعلّق بمسألة الاحتلال والأرض. وعبّر عن رغبته في أن يتم إحياء ذكرى التحرير بدلاً من المآسي، معتبرًا أن النضال من أجل القضية الفلسطينية يجب أن يتجاوز الدعاية المضادة ويعزز من الحق في الدفاع عن هذه القضية العادلة.
أما جيل ستاين، المرشحة الرئاسية والطبيبة اليهودية، فأكدت في كلمتها على دعمها للمظاهرات وأهميتها في التأثير على الانتخابات القادمة. ودعت إلى عدم التصويت للمرشحين الذين يساندون الحرب الإسرائيلية على غزة، مشيرة إلى ضرورة إيصال رسائل سياسية واضحة للطرفين الرئيسيين في الانتخابات، مما يعكس إرادة الشعب الأميركي الرافض للعنف والظلم.
الدكتور حاتم بازيان من جامعة بيركلي، أكد في خطابه ضرورة تذكّر التاريخ الكامل لهذه الأرض، حيث لا ينتمي أحد من الحاضرين إلى ما يطلق عليهم الداعمون لإسرائيل، وإنما يجب الالتفات إلى حقوق السكان الأصليين. وطالب بازيان الفلسطينيين وكل من يدعم قضيتهم الاستمرار في النضال، حيث أن تحرير فلسطين ليس قضية معزولة بل هي جزء من تحرير العالم بأسره.
المظاهرات جاءت في سياق معقد، حيث يشعر المشاركون أن الإدارة الأميركية شريك فعّال في الحرب الإسرائيلية. وارتبطت هذه السلسلة من الاحتجاجات بقرب الانتخابات الرئاسية وتزايد النقاشات التي تناولت مواضيع الحرب والعنف. دعا كثير من الناشطين، ومن بينهم مجموعة من الدعاة المسلمين، إلى عدم التصويت للمرشحين الذين يساندون الحرب، الأمر الذي يؤكد أهمية المطالب الشعبية في التأثير على السياسة الأميركية.
حضور الطلاب كان واضحًا في جميع الفعاليات، حيث عبرت بعض الطالبات عن أهمية الوعي والاستمرار في تقديم الحقائق حول القضية الفلسطينية، مشدّدين على الدور الهام الذي يمكن أن يلعبوه في توعية باقي الأميركيين. وفي الوقت الذي يعيد فيه الناشطون التركيز على القضية الفلسطينية، فإن الضغط المستمر على الجامعات الأميركية ممن يدعمون الاحتلال من شأنه أن يحدث تغييرات ملحوظة في السياسات والاستثمارات.
تزداد أهمية آراء العرب والمسلمين في الانتخابات المقبلة في ضوء التقارب المحتمل في نتائج استطلاعات الرأي. حيث من الممكن أن تؤثر هذه الأصوات بشكل كبير على نتائج الانتخابات في الولايات المتأرجحة، مما يجعل من الضروري أن تُسمع أصواتهم بوضوح من أجل إعادة صياغة السياسة الأميركية تجاه النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.