في ظل الأوضاع المتوترة في لبنان، أطل نائب الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، بكلمة مسجلة ليلقي الضوء على الخيارات الاستراتيجية للحزب في ظل الحرب الإسرائيلية المتجددة. وهذا الخطاب هو الظهور الثالث له خلال خمسة عشر يومًا، حيث بدأ بتأكيد تطلعات حزب الله بعد اغتيال الأمين العام السابق، حسن نصر الله، مرارًا على استمرارية الحزب ووحدته، مع التركيز على الاستعداد الدفاعي ضد التوغلات الإسرائيلية. وفي خطابه الأخير، الذي ألقاه في 17 أكتوبر/تشرين الأول، تحدث قاسم بصورة واضحة عن التحديات القادمة، معترفًا بحق المقاومة في استهداف “الكيان الصهيوني”، مشيرًا إلى أن حدود المعركة قد تغيرت.

أبرز قاسم في كلمته أربع نقاط محورية. أولاً، تحدث عن الانتقال من جبهة الإسناد إلى خوض الحرب بشكل فعلي، مؤكدًا على ضرورة الاستمرار في المعركة حتى تحقيق النصر. ثانياً، شدد على حق الحزب في قصف أي نقطة داخل الأراضي الإسرائيلية، معبرًا عن أن قواعد الاشتباك الحالية قد تم كسرها. ثالثًا، أشار إلى السيناريوهات المحتملة للمرحلة المقبلة، سواء التصعيد العسكري أو التوصل إلى اتفاق، موضحًا أن التصعيد قد يعني توسيع نطاق القصف للمستوطنات الإسرائيلية. وأخيرًا، أكد قاسم على قوة الحزب وقدرته على المواجهة، على الرغم من الضغط والاغتيالات التي تعرض لها، مشددًا على أن البحث عن بدائل مستمر.

ال analyst السياسي علي مطر أبرز أهمية كلمة قاسم من حيث الشكل والمضمون، حيث أشار إلى راحة الشيخ وثقته بقدرات المقاومة. وطالب قاسم بأن تكون المواجهة مع العدو ضرورية لضمان الأمن، إذ إن عدم القيام بذلك سيعني زيادة التهديدات. كما تناول المحلل قضية التعاون بين حزب الله وقطاع غزة، مؤكدًا الحاجة إلى التوضيح للناس بأن دعم المقاومة هو دفاع مشروع ضد العدوان الإسرائيلي، وليس سببًا لاندلاع الحرب.

يأتي الحديث عن قوة المقاومة وامتلاكها لأسلحة استراتيجية كحديث مهم من قاسم، حيث أشار إلى عزم الحزب على الاستمرار في المعركة وتعزيز قدراته القيادية. وفي رسالة مباشرة لإسرائيل، أشار قاسم إلى أن الاحتلال لن يكون قادرًا على إيقاف صواريخ المقاومة، مؤكدًا أن المستوطنين لن يعيشوا بأمان على الأراضي المحتلة. كما أظهرت الرسائل الموجهة إلى الشعب اللبناني دعوة إلى الصبر والتحمل، مشددًا على التزام الحزب بإعادة بناء ما دمرته الحرب، موضحًا أن تكلفة المواجهة ستكون أقل بكثير من آثار عدمها.

حسن شقير، الباحث في الشؤون السياسية، أشار في تعليقه على كلمة قاسم إلى أهمية الرسائل الموجهة لأطراف متعددة، موضحًا أن الحزب لم يكن ينتظر نشوب الحرب بل كانت فُرضت عليه. واعتبر أن التصريحات الإسرائيلية تكشف نوايا العدوان، مما يؤكد أن حزب الله كان يواجه ضغطًا غير مسبوق. وأكد أن حماية جبهته ومحاربة الاحتلال باتت ضرورة ملحة لحفظ وحدة لبنان ومساندة غزة.

الرسالة الأساسية التي ختم بها قاسم كان توجيه الشكر للبيئات الحاضنة للمقاومة في لبنان، مؤكدًا أن إعادة الإعمار ستعيد تحسين الأوضاع أكثر مما كانت عليه. وقد بدأ الحزب بالفعل استعداداته لعملية إعادة البناء، مستلهمًا من تجربته بعد حرب 2006، مما يدل على التزامه بعكس صورة إيجابية لمجتمعه وتحسين ظروف معيشته. وبالفعل، يشير الخبراء إلى أن هذه الكلمة تمثل تكثيفًا للخطابات السابقة، حيث تظهر استراتيجيات المقاومة ومواقف الحزب في ظل الظروف الصعبة.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.