في ولاية شمال دارفور، تتصاعد الأحداث المأساوية بفعل الصراع المستمر بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني، والذي يمتد لأكثر من عام. تفيد مصادر محلية وشهود عيان بأن قوات الدعم السريع قد ارتكبت سلسلة من الانتهاكات الجسيمة، حيث قامت بإحراق حوالي 45 قرية في الأسبوعين الأخيرين، مما أسفر عن نزوح نحو 20 ألف شخص نحو تشاد بحثًا عن الأمان. تأتي هذه الاعتداءات في سياق ما يسمى بالحملات “الانتقامية” ضد قبيلة الزغاوة الافريقية، والتي تتهم بدعم القوة المشتركة، التحالف العسكري الذي يقاتل إلى جانب الجيش السوداني.

لقد كانت حالة النازحين صعبة للغاية، حيث نقل العضو في هيئة شورى الزغاوة، آدم مزة، معاناتهم الشديدة نتيجة انعدام المساعدات الإنسانية والنهب الذي تعرضت له ممتلكاتهم من قبل قوات الدعم السريع. يصف مزة الوضع هناك بأنه “إبادة جماعية وتطهير عرقي”، موضحًا أن عمليات القتل والنزوح تستند إلى الهوية العرقية والقومية. وتناشد هذه القبيلة المنظمات الدولية بالتدخل وتوفير المساعدات للمناطق المنكوبة.

تشير التقارير إلى أن المواجهات بين الدعم السريع والقوة المشتركة قد اندلعت مجددًا في مطلع أكتوبر، مستمرة عبر مناطق شاسعة من محلية كتم، وهو ما يعكس اتساع دائرة العنف في الإقليم. من جهة أخرى، يرى ناشط حقوقي محلي، حسن آدم، أن قوات الدعم السريع، بعد أن فشلت في السيطرة على الفاشر، بدأت بتنفيذ هجمات انتقامية ضد المجتمعات المحلية التي تعتبرها حواضن اجتماعية للخصوم.

فيما يتعلق بالانتهاكات الحقوقية، يشير آدم إلى نمط من الاعتداءات تشمل القتل والعنف الجنسي والاعتقالات العشوائية. والأكثر من ذلك، فإنه يتم استهداف المرافق العامة، حيث دمرت قوات الدعم السريع الآبار الصحية وأحرقت المستشفيات، مما يزيد من معاناة السكان المدنيين. كما أشار إلى أن بعض الشبان الذين تم اعتقالهم أُجبروا على الانضمام إلى صفوف القوات المهاجمة.

تُظهر الأوضاع الإنسانية في شمال دارفور صورة مروعة من المعاناة، حيث لا تكفي المساعدات المتاحة لتلبية احتياجات النازحين. أجبرت العديد من الأسر على الفرار إلى مناطق نائية للنجاة بأنفسهم، لكن تظل التحديات مستمرة بسبب النقص الحاد في الغذاء والدواء. في ظل غياب الحلول المستدامة، يواصل النزاع إحداث دمار واسع، ويهدد بمزيد من التقلبات الأمنية والاجتماعية في الإقليم.

ختاماً، يُظهر الوضع في دارفور مرة أخرى مدى التأثير المدمر للصراعات المسلحة على المدنيين. تتوالى المناشدات من السكان المحليين لتدخل المنظمات الإنسانية والدولية لوضع حد للاعتداءات المتواصلة وضمان حماية المجتمعات المتضررة. إن الأحداث التي تشهدها هذه المناطق هي تذكير قاسٍ بأن السلام والاستقرار لا يزالان بعيدين في ظل غياب الحلول السياسية الحقيقية.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version