غزة، حيث تبقى الحياة متشابكة بين شظايا الموت والأمل، يعبر المسعف المتطوع عبد الرحيم خضر عن معاناته اليومية في ظروف الحرب الدامية، حيث يقف بين الأشلاء والجرحى، محاولا تقديم المساعدة رغم الأهوال المحيطة به. تخللت كلمات خضر مشاعر الألم والخراب، إذ يصف كيف أنه ينقل الجرحى ويودع الشهداء في أمكنة لا تعرف إلا الموت، حيث أصبحت صرخات المستغيثين وصخب القذائف جزءا من حياته اليومية. وكأنما تجسدت معاناة غزة في كلماته، حيث تشكل مشاهد الدمار والأجساد الممزقة روتيناً مأساوياً يتحدى القهر الذي اجتاحتهم به آلة الحرب.

يعيش خضر في عالم لا يعرف الفرق بين الليل والنهار، إذ أن كل ساعة فيها تمثل صراعاً مستمراً ضد الموت. رغم شدة القصف وكثافة الخسائر، يستمر في عمله، معتقداً أن واجبه كمسعف يتجاوز كل المخاوف الشخصية، إذ يستحضر طاقته لبذل كل ما لديه من أجل إنقاذ الأرواح. هذه النزعة الإنسانية في وسط الفوضى تعكس تضحيات أولئك الذين يعيشون في قلب المعاناة، حيث يُمتحنون في كل لحظة.

بعد أيام من الانتظار المضني والمحاولة المتكررة لإجراء المقابلة، تمكنت الجزيرة نت من التواصل مع خضر الذي يعيش في شمال غزة، لكنه لم يكن بعيداً عن مشاهد القتل والدمار. لقد فهم أن ذكرياته ستظل محفورة في ذاكرته لمدى الحياة، حيث يتحدث بخجل عن المجازر المروعة التي شهدها في مخيم جباليا، مثل استهداف المنازل وقتل النازحين، والمشهد المروع الذي يواجهه يومياً في سبيل إنقاذ أرواح من تحت الأنقاض.

وتجتمع في ذاكرة المسعف الشاب مجموعة من المشاهد القاتلة، إذ كان قد تلقى دورة تدريبية في الإسعافات الأولية قبل اندلاع الحرب، وأصبح حينها مضطراً للتخلي عن شغفه بالتقاط الجمال في الصور ليغدو مسعفاً يعاين فصول من أهوال القتل والدمار. تحدث عن تفجير مسجد التابعين، حيث حصدت صواريخ الاحتلال أرواح المصلين الأبرياء أثناء أدائهم لصلاة الفجر، مشيراً إلى الأشلاء الملقاة والتي تحولت قطعة من الأرض إلى بركة من الدماء، مما عرضته لوصف هذه المأساة برمزية عميقة عن قساوة ما يشهده.

عبد الرحيم خضر لم يكن بعيداً عن الخطر، إذ عايش مواقف حرجة كادت أن تودي بحياته. تحدث عن اللحظة التي عُرض فيها وزملائه إلى قصف إسرائيلي أثناء أداء مهمتهم كمسعفين، حيث فقدوا أحد زملائهم ولم يعرفوا مصيره في البداية. كما أكد أنه مر بتجربة مؤلمة عندما عرف أن منزلاً صديقه قد دُمر، مما أوجد بينه وبين ضحايا الحرب رابطاً إنسانياً عميقاً. كل هذه الوقائع تجعلنا نفهم كيف أن الحياة في غزة تحولت من حياة طبيعية إلى جحيم مستمر.

رغم كل الظروف المأساوية، لا يزال لدى خضر أمل في العودة لحياته الطبيعية واستئناف دراسته في تصميم الديكور. يتمنى للشعب الغزاوي أن يجد حياة أفضل، فهو يتمنى أن تتوقف الصرخات وأن يبدأ الجميع صباحاتهم بابتسامات وتفاؤل. يدعو الله ألا يفقد أي من أحبائه، إذ يعيش معاناته وسط الذكريات المؤلمة، بينما لا يزال الأمل يتجلى رغم كل ما يعيشه. تلخص كلمات خضر المعاناة الكبيرة التي يعيشها الفلسطينيون في غزة، فكيف يمكن للعالم أن يغفل عن صرخات الألم والطلب في الحياة والصمود؟

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version