تحتفل غزة بحدث مهم في مجال الرعاية الصحية، حيث تسعى عائلات عديدة إلى حماية أطفالها من الأمراض المعدية، وخاصة شلل الأطفال الذي تراجع وجوده إلى حد كبير في السنوات الماضية. وتعتبر أم أحمد، وهي أرملة شهيد، مثالاً حيًا على الأمهات اللواتي يسعين لتوفير أقصى درجات السلامة لأبنائهن وسط الظروف القاسية. تحتشد العائلات في مستشفى عبد العزيز الرنتيسي حيث تتم عملية التطعيم، مشيدة بجهود وزارة الصحة لتوفير نقاط التطعيم، في الوقت الذي تواصل فيه الوضع الصحي المتردي والجوانب الإنسانية تحت وطأة الاحتلال.

يعكس إعادة افتتاح مستشفى الرنتيسي بعد إغلاقه بسبب العدوان الإسرائيلي مدى إرادة أهل غزة في مواجهة التحديات. فقد عمد الاحتلال إلى تدمير مرافق صحية حيوية وزرع الخوف والألم في نفوس المدنيين. في موقع الافتتاح، أظهر مدير وزارة الصحة، منير البرش، فخره بالإنجاز رغم كل الخسائر، مؤكدًا على عزم الوزارة على إعادة بناء ما دمره الاحتلال. الرسالة التي أراد توصيلها هي أن “هدم الاحتلال لن يمنع الفلسطينيين من البقاء والازدهار”.

يتميز المستشفى بأنه الوحيد المتخصص في علاج الأطفال، ويعيد الآن تقديم خدماته في ظروف بالغة الصعوبة. بيد أن هذا الافتتاح يحمل رمزية قوية، حيث يتم في مبنى تعرض لقصف شديد وأضرار جسيمة. الأطباء والممرضون، الذين عانوا من الأحداث الماضية، يتواصلون بمعنويات مرتفعة، مشددين على أهمية تقديم الرعاية الصحية للأطفال في هذه الأوقات الحرجة.

تستعد وزارة الصحة لتطعيم أكثر من 125 ألف طفل ضد شلل الأطفال في ظل تهديدات الاحتلال. ومع أن الحملة بدأت، يواجه الأطفال في المناطق المحاصرة صعوبة في الحصول على اللقاح، مما يثير القلق حول أمنهم الصحي. يؤكد وكيل وزارة الصحة، ماهر شامية، أن توقيت هذه الحملة يعكس التزام غزة بحماية أطفالها، داعيًا المجتمع الدولي إلى العمل على حماية المنشآت الصحية من الاستهداف.

تتماهى المقاومة الصحية مع المقاومة الاجتماعية في غزة، حيث يسعى الأهل بكل ما أوتوا من قوة للدفاع عن صحة أطفالهم في ظل بيئة مليئة بالمخاطر. فقد كانت هناك جهود كبيرة لتوعية الأهالي بأهمية التطعيم، وهو ما يعكس استراتيجية مدروسة من وزارة الصحة، تستخدم عيد الاقتتاح للتأكيد على “قدسية” المكان ودوره المحوري في حياة الأطفال.

على الرغم من التحديات التي يواجهها الفلسطينيون، تبقى روح الصمود قوية بين سكان غزة. التردد في تلقي اللقاحات ليس اختلافًا عن رغبتهم في حماية أولادهم، وإنما هو تعبير واضح عن واقعهم المؤلم في وجه آلة القتل الإسرائيلية. وبالرغم من كل ما مرت به غزة، فإن الأمل لا يزال يتجلى في عيون الأمهات والأطفال، ويشكل لقاح شلل الأطفال خطوة أخرى نحو استعادة صحة وحياة أفضل للأطفال في القطاع.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.