في حوار خاص مع العقيد أحمد الكحلوت، مدير جهاز الدفاع المدني في شمال قطاع غزة، تم وصف الأوضاع الإنسانية هناك بالـ”مأساوية للغاية”. يعاني السكان من الحصار الذي استمر لأكثر من 14 يومًا، مما زاد من تفاقم الأزمة الإنسانية. وقد تم تسجيل مقتل حوالي 400 فلسطيني خلال الأسبوعين الماضيين، وترك العديد من جثامين الشهداء ملقاة في الشوارع. وفي ظل نقص المياه والطعام والدواء، تتدهور حالة السكان بشكل مستمر، مما يجعل الحياة هناك قاسية للغاية.
أشار الكحلوت إلى أن المناطق الأكثر تضرراً تشمل مخيم جباليا، حيث أثر القصف على الحياة بشكل كبير، مع فقدان تقديم أي نوع من العلاجات أو المساعدات. وتطرقت شهادته إلى حجم الدمار الذي لحق بالبنية التحتية للأحياء السكنية، حيث استخدمت قوات الاحتلال أساليب جديدة في الهدم، مثل الروبوتات والبراميل المتفجرة، مما أدى إلى دمار شبه كامل للعديد من المناطق السكنية.
وفي سياق الأعداد المأساوية، ذكر الكحلوت أن عددًا كبيرًا من الشهداء لا يزالون ملقين في الشوارع أو تحت الأنقاض، خاصة في المناطق التي تشهد توغلاً من قبل آليات الاحتلال. وقد أدت الغارات المكثفة إلى تدمير أجزاء هائلة من شمال القطاع، مما جعل من الصعب وصول فرق الدفاع المدني إلى المناطق الأكثر تضرراً بسبب الخطر المستمر من القصف.
وأبرز الكحلوت التقنيات المستخدمة في الهجمات الإسرائيلية، حيث كانت الآليات المدرعة تعمل بشكل آلي لتفجير أبنية كاملة بدلاً من استهداف مبانٍ معينة. وتسببت هذه الأساليب في انهيارات ضخمة للبنية التحتية وأودت بحياة الكثير من المدنيين، مما زاد المخاوف من تصاعد أعداد الضحايا بين السكان العزل.
كما نقل الكحلوت شهادات عن محاولة العديد من السكان النزوح بحثًا عن الأمان، لكنهم واجهوا استهدافًا مباشرًا من قبل قوات الاحتلال. في دوار أبو شرخ، حيث كان الناس يحاولون الانتقال إلى مناطق أكثر أماناً، تعرضوا لإطلاق نار وقصف مدفعي، مما أودى بحياة العديد منهم، حيث تُركت جثثهم في المكان بسبب عدم القدرة على الوصول إليهم.
فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية، أنكر الكحلوت الادعاءات الإسرائيلية بمد سكان الشمال بالمساعدات، مؤكدًا أنه لم تصل أي مساعدات طبية أو غذائية إلى السكان الذين يواجهون شبح المجاعة. وقد لجأ السكان إلى استخدام مياه غير نظيفة، مما يهدد بتفشي الأمراض والأوبئة بينهم، خاصة في صفوف الأطفال وكبار السن.
ختامًا، أشار الكحلوت إلى التحديات الكبيرة التي تواجه فرق الدفاع المدني في تقديم خدماتها، حيث واجهت عمليات تدمير لمعداتها وللمراكز التي كانت تحت تصرفها، مما جعلها تعمل بوسائل بدائية للغاية. كما أكد على استهداف بعض كوادر الدفاع المدني، مما أدى إلى إصابة العديد منهم خلال القيام بعملهم في إنقاذ المصابين ومكافحة الحرائق. وقد أبدى خيبة أمله تجاه دور المؤسسات الدولية في مواجهة هذه الأوضاع، مشيرًا إلى ضعف دور الصليب الأحمر في تقديم المساعدة.