في خطاب مثير للجدل، عبر قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي”، عن إحباطه من الأوضاع السياسية والعسكرية في السودان، متسببًا بذلك في ردود فعل غاضبة، خصوصًا من مصر التي اتهمها بدعم الجيش السوداني عبر الضربات الجوية. وقد ألقى حميدتي باللائمة على الاتفاق الإطاري المبرم بين القوى العسكرية وتحالف قوى الحرية والتغيير كسبب رئيسي لتفشي النزاع حتى يومنا هذا، مشيرًا إلى تأثير ذلك على تطورات الحرب الدائرة. وعلى الجانب المصري، جاء الرد سريعًا من وزارة الخارجية التي نفت بشدة تلك الاتهامات ودعت المجتمع الدولي لمراقبة الأدلة.

يرى العديد من المحللين أن خطاب حميدتي يعد بمثابة اعتراف بالفشل في تحقيق الأهداف العسكرية والسياسية. فقد اعتبر المحلل ورئيس تحرير صحيفة “التيار”، عثمان ميرغني، أن الخطاب كان عاطفيًا وجاء كرد فعل على الظروف المتغيرة التي يواجهها، ما جعله يوجه اتهامات للدول الأخرى. كذلك أشار إلى فقدان الدعم الإنساني والعسكري الذي كان يعتمد عليه حميدتي، مما يعكس بصورة واضحة مدى التراجع الذي تعيشه قواته. لا يقتصر الأمر على ذلك، بل عبر الخطاب عن عزلته السياسية بعد أن أصبح الاتفاق الإطاري عبارة عن نقطة انطلاق للكثير من الأزمات.

من جهته، توقع الباحث السياسي، خالد سعد، أن يكون هناك توجه للتفاوض لإنهاء النزاع، مرجحًا أن يكون للمساعدات الخارجية دور كبير في ذلك. وأكد أن المستقبل السياسي للقوات المسلحة يعتمد على نجاحها في تحقيق انتصارات سريعة على الأرض، لاستعادة مكانتها في العملية السياسية. وأشاد بضرورة التنسيق بين القوى المدنية التي أسهمت سابقًا في الإطاحة بالنظام السابق، حيث يجري الجمع بينها في محادثات تتعلق بعملية الانتقال السياسي في البلاد.

وفي إطار آخر، يعتقد الكاتب والمحلل السياسي، محمد لطيف، أن الخطاب يمثل تطوراً خطيراً في مسار الحرب، حيث عكس عدم رغبة حميدتي في التوجه نحو السلام أو المفاوضات، بل أشار إلى اتخاذه لنبرة تصعيدية. ومن خلال شجب القوات المسلحة وزعمها بأنها تستهدف الحواضن الاجتماعية لقوات الدعم السريع، يبدو أن حميدتي يهدف إلى إدخال البلاد في حرب أهلية موسعة، وهو ما اعتبره لطيف بمثابة الإعلان عن خطة بديلة، ما يثير القلق حول المستقبل السلمي للسودان.

في السياق ذاته، جاءت ردود فعل قادة الإقليم لتؤكد على المعاني الواضحة في خطاب حميدتي، حيث أشار حاكم دارفور، مني أركو مناوي، إلى أن تصريحاته تعكس اعترافًا بهدم أبرز مآلات الاتفاق الإطاري، ودعى إلى ضرورة مواجهة الأخطاء من أجل تعزيز وحدة السودان. من جهة أخرى، اعتبر وزير المالية، جبريل إبراهيم، أن حميدتي قد أعلن عن نهايته السياسية، مشيرًا إلى تبرؤه من مسؤولياته حول الجرائم المرتكبة خلال النزاع.

وفي ختام الحديث، وصف خالد عمر يوسف، عضو المكتب القيادي لتنسيقية القوى الديمقراطية، الخطاب بأنه يعقّد الأمور أكثر ويتجه نحو تضخيم الأزمات بدلاً من البحث عن حلول فعلية. إن التوجهات التي خرجت بها الحكومة الآن لا تشير إلى إمكانية قريبة لإنهاء الصراع، بل تعكس مزيدًا من الأزمات في المشهد السوداني الذي يحتاج إلى جهود حقيقية لتحقيق الاستقرار.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version