وسط أجواء مشحونة داخل الكنيست الإسرائيلي، وجد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو نفسه أمام موجة من الانتقادات العنيفة خلال جلسة عاصفة، حيث قوبلت كلماته بمقاطعات متكررة من قبل أعضاء المعارضة وصيحات الاحتجاج من عائلات الأسرى الإسرائيليين.

في تلك الأجواء المتوترة، عاد نتنياهو للتلويح بإمكانية استئناف الحرب على قطاع غزة، مؤكدا أن الفجوة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لا تزال كبيرة، وأن إسرائيل لن تتوقف عن القتال حتى تحقيق أهدافها.

غير أن هذا الخطاب، وفق مراقبين، لم يكن سوى انعكاس للأزمة العميقة التي تحاصر نتنياهو داخليا، إذ يرى الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بات يخضع بشكل كامل لضغوط اليمين المتطرف داخل حكومته، ولا يتردد في التهديد بالتصعيد العسكري للحفاظ على بقائه السياسي.

وأضاف البرغوثي، في حديثه لبرنامج “مسار الأحداث”، أن نتنياهو يحاول التهرب من التزاماته في الاتفاق الأخير مع حماس، الذي نص في مرحلته الثانية على وقف دائم للحرب، عبر افتعال ذرائع جديدة لتعطيل تنفيذ الاتفاق.

وأشار البرغوثي إلى أن الإستراتيجية الإسرائيلية تقوم على مواصلة العدوان لإبقاء سيطرتها على غزة، لافتا إلى أن حديث نتنياهو عن تهجير سكان القطاع ليس إلا إحياء لمخططات قديمة، أبرزها خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي وصفها البرغوثي بأنها تمثل “جريمة حرب بالمعنى الحرفي للكلمة”.

سياسة التجويع

وأوضح البرغوثي أن إسرائيل مصرة على ممارسة سياسة التجويع الممنهجة بحق سكان قطاع غزة، مما اعتبره جريمة حرب يجب أن يتصدى لها المجتمع الدولي.

وأشار البرغوثي إلى أن نتنياهو، الذي يواجه اتهامات بالفساد، قد يقدم على أي جريمة للحفاظ على بقائه في السلطة، محذرا من أن عودة الحرب إلى قطاع غزة ستكون كارثية على إسرائيل، سواء من الناحية البشرية أو الاقتصادية.

في السياق ذاته، يرى الأكاديمي المتخصص في الشأن الإسرائيلي الدكتور محمود يزبك أن خطاب نتنياهو في الكنيست يعكس حالة ارتباك غير مسبوقة، حيث يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي أزمات متراكمة، أبرزها فشل حكومته في إدارة الحرب منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وأشار يزبك إلى أن استطلاعات الرأي الأخيرة تكشف عن رفض شعبي واسع لاستمرار القتال، حيث تتراوح نسبة المعارضين بين 60% و75%، مما يضع نتنياهو في مواجهة مباشرة مع ضغوط داخلية متزايدة.

وأضاف يزبك أن نتنياهو يخشى تداعيات أي تحقيق رسمي في إخفاقات الحرب، مما يدفعه لمحاولة تفادي المرحلة الثانية من الاتفاق مع حماس، حيث يدرك أن الإقرار بالفشل قد يعني نهايته السياسية.

تداعيات لجنة التحقيق

واعتبر أن رفضه السماح بلجنة تحقيق رسمية في أحداث الحرب الأخيرة يعكس حجم المأزق الذي يعيشه، سواء على المستوى السياسي أو العسكري.

من جهته، قدم الصحفي الأميركي تيم كونستنتاين نائب رئيس التحرير بصحيفة “واشنطن تايمز”، رؤية مختلفة للوضع، إذ يرى أن إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن لم تنجح في تحقيق أي تقدم في ملف غزة على عكس إدارة ترامب التي تمكنت من التوصل إلى وقف إطلاق النار.

وأشار إلى أن المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف يلعب دورا مهما في محاولة إقناع إسرائيل بعدم العودة إلى الحرب، معربا عن أمله في أن يتمكن من تحقيق المزيد من التقدم في الأيام المقبلة.

وأبدى كونستنتاين استغرابه من التحليلات التي تتحدث عن تراجع النفوذ الأميركي في المنطقة، مؤكدا أن الولايات المتحدة لا تزال لاعبا رئيسيا، رغم ما وصفه بـ”الضجيج الإعلامي” حول أزماتها الداخلية.

غير أن البرغوثي يرى أن انتخاب ترامب وفرضه سيطرة مطلقة على البيت الأبيض يعكسان بداية عصر الانحدار الأميركي، معتبرا ردود الفعل الانفعالية للإدارة الأميركية تجاه الأحداث في الشرق الأوسط تعكس حالة من التراجع والضعف.

شاركها.
© 2025 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.