يستمر جيش الاحتلال الإسرائيلي في استهداف قوات “يونيفيل” في جنوب لبنان، حيث أطلق قذائف مدفعية على مركز القيادة في الناقورة، متسببًا في إصابات بصفوف جنود الكتيبة السريلانكية. هذا التصعيد يأتي في وقت تشير فيه الأوضاع إلى تدهور الأمان وزيادة الحوادث الحدودية نتيجة للاشتباكات الكبيرة بين حزب الله والجيش الإسرائيلي. في هذا السياق، فقد دعا السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة إلى نقل قوات “يونيفيل” لمسافة 5 كيلومترات شمالًا، مدّعيًا أن ذلك سيكون كفيلًا بتجنب المخاطر المتزايدة بسبب تصاعد التوترات.
يرى المحلل السياسي علي مطر أن الدور الذي كان يجب أن تقوم به قوات “يونيفيل” وفقًا للقرار 1701 لم يتحقق، حيث كان يُفترض أن تكون مهمتها منع الانتهاكات والاعتداءات، لكنها فشلت في تحقيق ذلك، بل أصبحت محط استهداف مباشر من الجيش الإسرائيلي. وبحسبه، تسعى إسرائيل إلى إعادة صياغة دور قوات “يونيفيل” بمساندة أمريكية لتوسيع مهامها، مما ينذر بتغييرات جوهرية في طبيعة تدخلها في المنطقة، وهو ما قد يؤدي إلى تصوير القوات الأممية كقوات احتلال.
من ناحية أخرى، يشير الدكتور علي أحمد إلى أن الأهداف الإسرائيلية تكمن في تقليل دور “يونيفيل” وتعزيز السيطرة على المنطقة، محذرًا من أن إسرائيل تسعى لإنشاء منطقة عازلة تكون تحت سيطرتها الكاملة، مما يدل على وجود خطة للاستحواذ على المنطقة. بهذا، يتبين أن هناك تركيزًا إسرائيليًا على الضغط على قوات “يونيفيل” لدفعها إلى التراجع، ما يعكس أن الوضع قد يؤدي إلى تشديد قبضة الاحتلال على الجنوب اللبناني.
الخطر الذي تمثله الانتهاكات الإسرائيلية يبقى الهاجس الأبرز لدى القوات الأممية والدولة اللبنانية على حد سواء، حيث أن هذه التطورات قد تضع مجمل المنطقة تحت ضغوط أمنية خطيرة. في ذات السياق، يرى الخبير علي حيدر أن العمليات العسكرية الإسرائيلية تعتبر جزءًا من خطة أكبر تهدف إلى إعادة تشكيل الوضع على الحدود. هذه الخطوات ليست مجرد تحركات عسكرية، بل تعكس رسائل سياسية وزارية تهدف إلى دفع خيار أمني يتماشى مع المصالح الإسرائيلية.
في ظل هذا التصعيد، فإن الرؤية الإسرائيلية تظل متفائلة، حيث تراهن على العودة إلى تسجيل نقاط في الصراع بفضل رفعها لسقف مطالبها. إلا أن الأحداث الأخيرة تُظهر أن المقاومة في لبنان لا تزال قادرة على التأقلم وصد الاعتداءات الإسرائيلية، مما يشير إلى أن انتصارات الاحتلال لن تتحقق بسهولة. وبذلك، تبقى موازين القوى متقلبة، وتعتمد على قدرة الأطراف المعنية، سواء المقاومة أو الدولة اللبنانية، على مواجهة الخروقات استمرارًا لأمن البلاد.
في النهاية، يجب أن تتم إعادة تقييم الوضع الميداني في لبنان بشكل مستمر، حيث أن أي قرارات تتخذ حول مستقبل وجود “يونيفيل” أو التوجهات الأمنية الأخرى يجب أن تأخذ بعين الاعتبار الأبعاد العسكرية والسياسية والإنسانية. الوضع يتطلب حوارًا ووساطة دولية قوية لضمان عدم التصعيد والتوصل إلى حلول تعكس مصالح جميع الأطراف، دون خوف من انتهاكات جديدة قد تؤدي إلى تفاقم الأوضاع على الأرض.