تسجل العمليات العسكرية الأخيرة تصعيدًا ملحوظًا في إطلاق الصواريخ من قبل حزب الله تجاه الأراضي الإسرائيلية، وخصوصًا مدينة حيفا. حيث اتفق المحللان العسكريان، العقيد حاتم الفلاحي والعميد حسن جوني، على أن هذه التدخلات تكشف عن قدرة الحزب المتزايدة على القتال واستخدام الأسلحة المتطورة. يتوقع الفلاحي في تحليل عسكري له أن الأيام المقبلة ستشهد ارتفاعًا كبيرًا في الهجمات على الأهداف الاستراتيجية داخل إسرائيل، حيث أن تركيز الهجمات على حيفا، التي تمثل مركزًا اقتصاديًا وعسكريًا هامًا، ينبه إلى تأثيرات مباشرة على الاقتصاد الإسرائيلي ويزيد من الانقسام السياسي الداخلي.
يؤكد العميد جوني أن استهداف حيفا يمثل جزءًا من جهود حزب الله لتطوير معادلات الردع الذي ينتهجها. وقد قسم هذه المعادلات إلى ثلاث مراحل، بدءًا من الاشتباكات المحدودة في جنوب لبنان، ثم الانتقال إلى استهداف شمال إسرائيل، والوصول إلى المرحلة الحالية التي تركز فيها الهجمات على مدينة حيفا بشكل دقيق وفعّال. يعكس هذا التطور تغيرًا استراتيجيًا في التوجهات القتالية لحزب الله، مما يدل على استعداده لتحدي إسرائيل بأساليب عدة لمواجهة تهديداتها.
يرى المحللان أن هذا التصعيد قد يؤثر على مجريات العمليات العسكرية الإسرائيلية وخاصة في منطقة الضاحية الجنوبية لبيروت، مع احتمال كبح جماح الجيش الإسرائيلي في اعتداءاته. إلا أن العقيد الفلاحي نبه إلى وجود فارق شاسع في موازين القوى بين الطرفين، حيث يتمتع الجيش الإسرائيلي بإمكانات تقنية وإلكترونية وعسكرية تفوق تلك التي يمتلكها حزب الله، مما يعني أن تأثير هذه الصواريخ محدود إذا لم تصب أهدافًا حيوية بدقة.
على الرغم من ذلك، يشير العميد جوني إلى أن حربًا غير تقليدية مثل هذه لا تتطلب من حزب الله أن تحقق تأثيرًا يضاهي فعالية الطائرات الإسرائيلية، وإنما يكفي أن يستهدف مدينة بحجم حيفا ويعطل حياتها اليومية، مما قد يزيد الضغط على المجتمع الإسرائيلي والحكومة. التركيز على الأهداف المدنية من شأنه أن يضعف من ثقة الجمهور في قدرة الجيش الإسرائيلي على حماية أراضيه، مما يسهم في تعزيز موقع الحزب في الساحة الإقليمية.
تطرق المحللان أيضًا إلى الحوادث الأخيرة، مثل مقتل شخصين في كريات شمونة، معتبرين أنه رغم كون هذه الإصابات محدودة، فإن لها تأثيرًا معنويًا كبيرًا على الجانب الإسرائيلي. مثل هذه الحوادث لا تعزز فقط روح المقاومة لدى حزب الله، بل تكشف عن مدى هشاشة الوضع الأمني في إسرائيل. يعد النجاح في استهداف أهداف داخل إسرائيل، وإن كان بحدود، علامة على القدرة الإقصائية لحزب الله ويشيد بدور الأفراد المقاومة في جبهته.
في الختام، أشار المحللان إلى أن استمرار العمليات العسكرية وتطورها قد يؤدي إلى نوع من التوازن، رغم عدم دقته، في موازين القوى بين حزب الله وإسرائيل. سيفرض ذلك على الأخيرة إعادة تقييم استراتيجياتها في السعي للحفاظ على الأمن لمجتمعها وجنودها، خاصة مع تصاعد الضغوطات وحركة المقاومة. إقامة مثل هذا التوازن، حتى لو كان غير مثالي، قد يدفع إسرائيل إلى التفكير بعناية أكبر في سياستها العسكرية تجاه لبنان، مما قد يغير من ديناميكيات الصراع في المنطقة.