خلال شهر واحد، نشر الرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترامب أكثر من ألف منشور على منصة التواصل الاجتماعي “تروث سوشال”، حيث خصص جزءًا كبيرًا من هذه المنشورات لمهاجمة كامالا هاريس. ويعتقد الباحثون أن العديد من هذه المنشورات تحتوي على معلومات مضللة، وتعزز من مشاعر الغضب لدى قاعدة ترامب الأكثر تطرفًا. وتأتي هذه المنشورات في وقت يعاني فيه ترامب من قلة عدد متابعيه على “تروث سوشال” بالمقارنة بمتابعيه السابقين على تويتر، والذي تم حظره مؤقتًا بعد أحداث السادس من يناير/كانون الثاني 2021. وعلى الرغم من ذلك، تواصل وتيرة نشره المنشورات بشكل منتظم، حيث بلغ معدل نشره لأكثر من 30 منشورًا يوميًا في سبتمبر.

تتضمن منشورات ترامب انتقادات لاذعة تجاه هاريس، حيث وصفها بأنها “مذنبة بارتكاب جرائم” وطالب بطردها أو محاكمتها، كما أطلق عليها ألقابًا قاسية مثل “مجنونة” و”غبية”. وتظهر بعض منشوراته عدم تردد في إهانة شخصيات عامة أخرى، مثل انتقاده للنجمة تايلور سويفت التي تدعم هاريس. ولم تقتصر منشوراته على الهجمات الشخصية، بل تناولت أيضًا قضايا سياسية مثل الهجرة، حيث ألقى باللوم على هاريس في أزمة الهجرة غير النظامية، متجاوزًا إحصاءات قديمة أو مضللة لدعم روايته.

بينما تجاهلت كامالا هاريس معظم إهانات ترامب، حيث تشدد على عدم تجاوبها معه، قامت حملتها بإبراز المعلومات الزائفة التي ينشرها. فعلى الرغم من أنها تفضل السخرية منه، إلا أن ذلك لم يمنع تمدد هذه المعلومات عبر منصات التواصل. بعد نشر ترامب لتركز عبارات تدعي أن هاريس حصلت على امتيازات سياسية مقابل “خدمات” جنسية، اعترف مؤخرًا بأن إعادة مشاركة بعض المنشورات يمكن أن تخلق أعداء.

لم تقتصر هجمات ترامب على كامالا هاريس فحسب، بل شملت أيضًا نشر معلومات مغلوطة حول مهاجرين هايتيين، مما أدى إلى ظهور جدل مستمر حول خطابه وتهديدات ضد هذه المجموعة. وقد لاحظ المراقبون أن ترامب يستخدم خطاب الكراهية والتضليل بشكل متزايد في سياق الحملة الانتخابية، مما يؤدي إلى تشجيع التطرف بين أتباعه. وتعتبر هذه التصريحات والاتهامات المثيرة للجدل علامة على انحراف السياسة الأميركية نحو مزيد من الاستقطاب والكراهية.

تتعلق المخاوف أيضًا بأنجرار بعض الأفراد الأكثر تطرفًا في الحركة الجمهورية إلى تصورات ترامب، مما يعكس خطرًا أكبر على الديموقراطية في الولايات المتحدة. إذ يُشير محللون إلى أن هذا النوع من الخطاب يسهم في تكريس الأفكار المتطرفة والعنصرية بين القاعدة الشعبية. وتشير تحليلات إلى أن ترامب يستخدم شبكة واسعة من المؤثرين لإنشاء أجواء مواتية لتلك الاتجاهات، مما يعد انحرافًا عن الأعراف السياسية التقليدية التي كانت تُعتبر حواجز أمام مثل هذا السلوك.

في النهاية، يظل السؤال قائمًا حول تأثير هذا الخطاب المتطرف وأثره على الانتخابات المقبلة. بينما يقوم ترامب بتطوير استراتيجياته عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يتعين على الناخبين إدراك أهمية التفريق بين الحقائق والمعلومات المضللة. وفي إطار الصراع السياسي الراهن، تبقى مساحة المناقشة والنقاش العام هامشية، في ظل انتشار أكاذيب وزيادة حدة الانقسامات. لذا، فإن المتابعة الدقيقة لمحتوى وسائل التواصل الاجتماعي باتت ضرورة لكل من يهتم بالشأن العام والمشاركة الديمقراطية.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version