بعد إعلان دونالد ترامب فوزه بالانتخابات الرئاسية الأمريكية وعودته إلى البيت الأبيض بعد غياب دام أربع سنوات، تتجه الأنظار إلى منطقة الشرق الأوسط وبالأخص القضية الفلسطينية. يستمر الصراع في قطاع غزة، حيث يتعرض السكان لحرب إبادة، بينما تواصل إسرائيل هيمنتها على الضفة الغربية والقدس. وفي خطاب له، قال ترامب إنه فاز بالتصويت الشعبي وحصل على عدد كبير من الأصوات في المجمع الانتخابي، لكنه يواجه ملفات معقدة في المنطقة، حيث تحمل العلاقات الفلسطينية الأمريكية تاريخًا صعبًا، بدءًا من قرار ترامب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس في 2017، مرورًا بتقليص المساعدات للأونروا، وصولًا إلى طرح “صفقة القرن” التي رفضها الفلسطينيون.
تجارب الفلسطينيين مع ترامب ليست مشجعة، حيث اعتبروا أن الخيار بينه وبين أي مرشح آخر هو “اختيار بين سيئ وأسوأ”. يرى الفلسطينيون في تصريحاتهم خصوصاً في القدس أن ترامب لم يكن طرفًا محايدًا وأن سياسته تعكس دعمًا مطلقًا لاحتلال الأراضي الفلسطينية. فقد أشار واصل أبو يوسف، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، إلى أن السياسة الأمريكية تعتبر شريكًا حقيقيًا للكيان الإسرائيلي في جرائمه ضد الشعب الفلسطيني، لافتًا إلى ضرورة العمل على وقف القتال وأن تكون هناك حركة سياسية فعّالة تهدف إلى إنهاء الاحتلال.
توقعات المحللين تشير إلى أنه سيكون لفوز ترامب تداعيات واضحة على القضية الفلسطينية، وخاصة في ما يتعلق بحرب غزة. يُرجح أن يعطي ترامب الضوء الأخضر لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإنهاء المعركة في غزة قبل أن يتسلم رسميًا رئاسة الولايات المتحدة. وعلاوة على ذلك، يعتقد بعض المحللين أن ترامب سيتجاوز الفلسطينيين نحو بناء شراكات جديدة مع الدول العربية من خلال تحقيق مزيد من التطبيع الاقتصادي والسياسي بين العرب وإسرائيل، مفضلاً هذا الاتجاه على العمل مع الفلسطينيين الذين يبدو أنه يراهم غير مستعدين لاتخاذ قرارات تاريخية.
من جانب آخر، يُشير بعض المراقبين إلى أن إسرائيل قد تعمل على اتخاذ خطوات لضم مزيد من الأراضي في الضفة الغربية، والاستمرار في توسيع المستوطنات، دون أن تتوقع ضغوطًا أمريكية جدية لمنع ذلك. تُعتبر التحديات الكبيرة أمام الفلسطينيين هي الحفاظ على هويتهم ووجود حقوقهم، إذ يجدون اليوم أنفسهم في خضم أوضاع صعبة جدًا تجعل من الوحدة الوطنية والأمل في تحقيق السلام أمرًا معقدًا.
يُعتبر استمرار وجود السلطة الفلسطينية في المجتمعات الفلسطينية أداة هامة، ولكن مع فوز ترامب، يُتوقع حدوث تغييرات قد تمس وضع تلك السلطة. أشار المحلل أحمد أبو الهيجا إلى أن هناك خشيــة من احتمالية تقليص دور السلطة الفلسطينية وتعزيز القوى الإسرائيلية الراغبة في إنهائها. ومن المرجح أن يتم إحلال نماذج بديلة للسلطة من القطاع الخاص، مما قد يؤدي إلى تداعيات سلبية على مستوى الحضور السياسي الفلسطيني.
في النهاية، تحمل عودة ترامب إلى المشهد السياسي الأمريكي نتائج سلبية في الوقت الراهن على واقع القضية الفلسطينية. ومع تشكيل مشهد معقد من التطورات وتوقعات غير معلومة، يواجه الفلسطينيون تحديات كبيرة تتطلب منهم التمسك بحقوقهم وثوابتهم. تسعى القيادة الفلسطينية إلى تعزيز الوحدة الوطنية لمواجهة التحديات المرتبطة بفوز ترامب، آملين في مقاومتهم وصمودهم ضد محاولات الاحتلال لفصل غزة عن باقي الأراضي الفلسطينية.