قرر رئيس الوزراء البريطاني السير كير ستارمر تخلي بلاده عن سيادتها على جزر شاغوس لصالح جمهورية موريشيوس، منهياً بذلك 200 عام من الحكم البريطاني على هذا الأرخبيل الواقع في وسط المحيط الهندي. يأتي هذا القرار في وقت تولي فيه الحكومة البريطانية الجديدة أهمية كبيرة للعلاقات الدولية، إذ يشير إلى تحول استراتيجي قد يؤثر على الأمن في المنطقة. وبحسب صحيفة “تايمز”، يُعتبر هذا القرار بمثابة استجابة لتهديدات قانونية تحيط بقاعدة دييغو غارسيا الجوية، التي تعد واحدة من الأصول العسكرية الرئيسية للولايات المتحدة وبريطانيا في المحيط الهندي.
وعلى الرغم من الترحيب العلني بالصفقة من قبل وزراء بريطانيين ومسؤولين أمريكيين، إلا أن هناك مخاوف خلف الأبواب المغلقة تتعلق بتأثير هذه الخطوة على العلاقات مع الصين. تشير بعض التقارير إلى أن الولايات المتحدة عبرت عن قلقها من أن هذا الإجراء قد يتيح للصين إقامة وجود قريب من المواقع العسكرية الاستراتيجية. هذا التخوف يأتي في سياق علاقات موريشيوس المتزايدة مع الصين، بما في ذلك مبادرات التنمية والاتفاقات التجارية.
تزامنًا مع هذه الأحداث، أعلن وزير الخارجية البريطاني أن الاتفاق الجديد سيمدد سيطرة بريطانيا على قاعدة دييغو غارسيا لمدة 99 عاماً قادمة. وفي هذا السياق، تسعى الحكومة البريطانية إلى طمأنة حلفائها، حيث تؤكد أن هناك ضمانات بعدم تسليم أي جزء من الأراضي لجمهورية الصين الشعبية. يتضمن الاتفاق دفع بريطانيا لموريشيوس رسومًا لقاء الاستمرار في سيطرتها على القاعدة العسكرية، ولكن التفاصيل الدقيقة لهذه الرسوم لم يتم الكشف عنها حتى الآن.
في ضوء هذه الخطوة، استنكر زعيم حزب الإصلاح البريطاني نايجل فاراج قرار الحكومة، واعتبره “كارثة إستراتيجية”. ورغم تأكيدات الحكومة بأن القرار سيفيد الأمن العالمي، إلا أن بعض المحللين يرون أن هذه الخطوة قد تخلق مناخًا من عدم الاستقرار في العلاقات الدولية، خاصة في ضوء التوترات المتزايدة مع بكين. الصحيفة ذاتها أوردت في تقريرها أن قرارات كهذه قد تتسبب في تعقيد العلاقات الدولية وتدفع الحلفاء إلى إعادة تقييم تحالفاتهم السياسية.
علاوة على ذلك، أثار القرار تساؤلات حول مستقبل مناطق أخرى تحت الحكم البريطاني، مثل جبل طارق وجزر فوكلاند. وقد صرح بعض الوزراء السابقين في الدفاع بأن هناك مخاوف من أن يتبع هذا القرار خطوات مماثلة تتعلق بأقاليم مستعمرة أخرى. هذه التخوفات تعكس حالة عدم اليقين بشأن سياسة الحكومة تجاه المناطق الاستراتيجية المملوكة لبريطانيا في ظل المتغيرات الدولية.
في السياق الإقليمي، رحبت الأرجنتين بطبيعة الحال بقرار ستارمر، حيث زعمت وزيرة الخارجية أن هذا القرار يفتح المجال أمام استعادة السيادة على جزر فوكلاند، ويظهر ما اعتبرته “الممارسات التي عفا عليها الزمن”. يُعزز ذلك من احتمالات توتر إضافي بين الأرجنتين وبريطانيا وسط السجالات التاريخية حول جزر فوكلاند، مما يضيف بعدًا آخر للانتقادات الموجهة لقرار الحكومة البريطانية ويؤذن بمزيد من التعقيد في المشهد الجيوسياسي.