طهران- بعد عامين ونصف، تمكنت إيران من تعديل مهام سفينة “الشهيد بهشتي” التجارية إلى حاملة مسيرات وضمها، الخميس الماضي، إلى بحرية الحرس الثوري لتصبح منصة بحرية متحركة قادرة على تنفيذ عمليات جوية متنوعة في أعالي البحار.

ومع ارتفاع التوتر مع الولايات المتحدة منذ عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، والتهديدات الإسرائيلية المتكررة بشن هجوم على منشآتها النووية، تأتي خطوة طهران بضم حاملة المسيرات -التي غيرت اسمها إلى “الشهيد بهمن باقري”- لتعزيز قدراتها الدفاعية والردعية، في وقت تشهد فيه الطائرات المسيرة دورا متناميا في الصراعات الحديثة.

وخلال مراسم تدشين أول حاملة مسيرات إيرانية، قال قائد القوة البحرية في الحرس الثوري، العميد علي رضا تنكسيري، إن “هذه البارجة متعددة الأغراض، وتعدّ أحد أضخم المشاريع العسكرية البحرية منذ انتصار الثورة الإيرانية وقيام الجمهورية الإسلامية”.

حاملة المسيرات الإيرانية تتكون من طابقين وتتسع لحمل 60 مسيرة و30 قطعة قاذفة للصواريخ (أسوشيتد برس)

مواصفات ومميزات

تتمتع حاملة المسيرات البالغ طولها 240 مترا وارتفاعها 21 مترا، بقدرات تشغيلية على مدى عام كامل في أعالي البحار بعيدا عن السواحل الإقليمية ودون الحاجة إلى التزود بالوقود، كما تتميز بقدرتها على تشغيل أسراب كبيرة من الطائرات المسيرة المتطورة وطائرات مروحية، ولها قدرة إطلاق صواريخ بعيدة المدى، بالإضافة إلى تجهيزها للحرب الإلكترونية، وفق العميد تنكسيري.

وعشية الاحتفال بالذكرى الـ46 لانتصار الثورة الإيرانية -التي أطاحت بالنظام البهلوي في العاشر من فبراير/شباط 1979- وصف رئيس هيئة الأركان الإيرانية، اللواء محمد باقري، حاملة المسيرات المحلية والقادرة على إطلاق واستعادة الزوارق القتالية السريعة والخفيفة، بأنها “قاعدة متنقلة يمكنها العمل باكتفاء ذاتي في أنحاء مياه العالم”.

من جانبها، كشفت وكالة أنباء “تسنيم”، المقربة من الحرس الثوري، أن السفينة المكونة من طابقين وتتسع لحمل 60 مسيرة و30 قطعة قاذفة للصواريخ، تضم كذلك مضادات جوية قصيرة ومتوسطة المدى، ومدفعيات بعيدة المدى، وأجهزة مخابراتية ومراقبة جوية، وصواريخ كروز أرض-أرض بعيدة المدى.

كما كشفت الوكالة أن السفينة مزودة بمرافق طبية منها غرفة عمليات، ووحدة عناية مكثفة وعيادة أسنان، فضلا عن صالة رياضية متعددة الأغراض، وملعب لكرة القدم مجهز بعشب صناعي.

إدارة المعارك

ويعتبر الخبير العسكري والعقيد المتقاعد في الحرس الثوري، محمد رضا محمدي، حاملة المسيرات الإيرانية إنجازا سيرفع قدرات البلاد الردعية والهجومية بشكل متزامن كونها وحدة قتالية متكاملة تأخذ على عاتقها مهمة حماية المصالح الوطنية في المياه البعيدة، وذلك عبر الرصد وجمع المعطيات وتنفيذ عمليات هجومية.

وفي تصريح للجزيرة نت، يعتقد محمدي أن بلاده سوف تشغل حاملة مسيراتها كقاعدة عائمة في أعالي البحار لإدارة المعارك من عرض البحر، نظرا إلى قربها من ساحات الصراع، وعلى مدى عملياتي قد يبلغ 22 ألف ميل بحري، مما يزيد من العمق الإستراتيجي للجمهورية الإسلامية ويحوّلها إلى لاعب مؤثر بعيدا عن مياهها الإقليمية.

وقد تنضم مسيرات ومروحيات إلى حاملة المسيرات الإيرانية في أعالي البحار بين الفينة والأخرى وفقا لمسار التطورات، حسب محمدي.

وأكد المتحدث ذاته أن حاملة المسيرات صممت لمواجهة التهديدات بما فيها حضور القطع العسكرية المعادية والقرصنة البحرية وضمان أمن السفن التجارية.

وأوضح العقيد المتقاعد في الحرس الثوري أن المسيرات المحمولة على متن سفينة الشهيد باقري مزودة بمحركات نفاثة وأنظمة تخفي، وقادرة على التحليق المستمر لفترات تتجاوز أضعاف مدى مقاتلات الشبح الأميركية، وذلك لمواجهة تحديات ناقلات الطائرات الأميركية.

وكشف القيادي السابق في الحرس الثوري أن بلاده سبق واستخدمت مسيراتها المتطورة لتحديد مواقع الأنظمة الدفاعية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، قبيل تنفيذها عملية الوعد الصادق الثانية التي جاءت ردا على اغتيال تل أبيب عددا من قادة المقاومة في لبنان وغزة.

الضغوط القصوى

من ناحيته، يلمس القيادي السابق بالحرس الثوري، العميد المتقاعد حسين كنعاني مقدم، تعمدا إيرانيا في توقيت ضم حاملة المسيرات إلى القوة البحرية بالحرس الثوري تزامنا مع إعلان وزارة الخزانة الأميركية -يوم الخميس الماضي- فرض عقوبات على أفراد وناقلات بذريعة المساعدة في تصدير النفط الإيراني إلى الصين.

وفي حديثه للجزيرة نت، يتابع كنعاني مقدم أن تدشين سفينة الشهيد باقري يدل على خطط إيرانية مسبقة لمواجهة سياسة العقوبات، وعلی رأسها “أقصی الضغوط” التي تستهدف الاقتصاد الإيراني، مضيفا أن حاملة المسيرات هي الأولى من نوعها ضمن سلسلة مشاريع متكاملة تشمل تشغيل عدة حاملات مسيرات وحاملات طائرات وكذلك سفن تحمل صواريخ باليستية.

ورأى -المتحدث نفسه- في خطط الحرس الثوري الرامية إلى تعزيز حضوره في أعالي البحار والمضايق الإستراتيجية مؤشرا على عزمه “مواجهة القرصنة البحرية، لا سيما التحركات المنظمة المدعومة من الحكومات والأنظمة الرسمية، وتعزيز قدراته الردعية والهجومية لمواجهة التهديدات التي تستهدف المصالح الوطنية”، على حد تعبيره.

وبرأي العميد المتقاعد في الحرس الثوري، فإن طهران ستزيد من عمقها الإستراتيجي عبر تدشينها عددا آخر من حاملات المسيرات والطائرات خلال الفترة المقبلة، كما أنها ستقترب من حلفائها في محور المقاومة عبر أسطولها البحري.

وخلص كنعاني مقدم إلى أن تدشين المؤسسة العسكرية الإيرانية مزيدا من القطع البحرية والتسليحات الإستراتيجية ترجمة لموقف المرشد الإيراني الأعلى آية علي خامنئي الذي توعد الجمعة بأنه “إذا اعتدت الولايات المتحدة على أمن الشعب الإيراني فسنهاجم أمن بلادهم من دون تردد”.

شاركها.
© 2025 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version