في السابع من أكتوبر 2023، اندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس، حيث يُعتبر أن حماس هي من بدأت الهجوم، لكن النرويج تُعتبر واحدة من الدول التي تنفي هذه الحقيقة. هذا الوضع أكسب الدولة الاسكندنافية سمعة خاصة لدى إسرائيل التي تصف مواقفها بالعدائية. في هذا السياق، قام السفير الإسرائيلي في أوسلو، نير فيلدكلين، بالتعبير عن استياء إسرائيل من الحكومة النرويجية التي طردت 8 دبلوماسيين إسرائيليين في وقت سابق وأعلنت أن سياسة النرويج متطرفة ومنحازة ضد تل أبيب.
تعود محطات الموقف النرويجي تجاه القضية الفلسطينية إلى فترة طويلة، حيث وفرت النرويج منصة لمفاوضات أوسلو في عام 1993، وبالتالي أظهرت تفاعلاً إيجابياً مع حكومة حماس عام 2007. تفاعل النرويج مع الأحداث يتوزع على مواقع متعددة، من الدعم القانوني ضد الاعتداءات الإسرائيلية إلى انتقاد الوجود الإسرائيلي في القدس الشرقية. ومن جهة أخرى، تزايد الضغط الدولي على إسرائيل أدى بالنرويج إلى اتخاذ خطوات تؤكد دعمها للمسألة الفلسطينية، مثل تقييد دخول غواصات إسرائيلية بسبب المخاوف من تصرفات الاحتلال.
تتسم مواقف النرويج الحالية بالشجاعة مقارنة ببقية البلدان الأوروبية، حيث أدان المسؤولون النرويجيون العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، ووصف وزير الخارجية النرويجي الوضع بأنه “جحيم على الأرض”. كما اتخذت الحكومة النرويجية مواقف جريئة بعدم شجب العمليات العدائية من الجانب الفلسطيني وتصفية المجازر. الحكومة النرويجية أوقفت أيضاً علاقاتها بإسرائيل، حيث دعت الدول المصنعة للأسلحة إلى التخلي عن أي دعم يؤدى إلى اعتداءات ضد الفلسطينيين.
رفضت النرويج تصنيف حماس كمنظمة إرهابية، وحافظت على قنوات التواصل مع القيادة الفلسطينية. وزيرة التنمية في النرويج أكدت على أهمية دعم الأونروا في ظل الأوضاع الكارثية في غزة، حيث خصصت البلاد تمويلات إضافية لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين. وهذا الانفصال في الموقف عن معظم الدول الأوروبية قد زاد من التوترات مع الحكومة الإسرائيلية، إذ اعتبرت تل أبيب النرويج خصماً جاداً بعد تفاقم الأحداث.
عندما تحركت المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في الجرائم المحتملة ضد الإنسانية التي ارتكبتها إسرائيل، كانت النرويج من أوائل الدول التي أعربت عن دعمها لهذا الجهد. وقد أكد وزير الخارجية النرويجي على استعداد بلاده لاعتقال المسؤولين الإسرائيليين المتهمين بجرائم الحرب. تلقت هذه القضية ردود فعل قوية من وسائل الإعلام الإسرائيلية، التي اعتبرت النرويج الدولة الأكثر عداءً للكيان الإسرائيلي في الجو الأوروبي.
لم يقتصر الأمر على القرارات السياسية فقط؛ إذ يتضح من تصريحات المسؤولين النرويجيين أنهم يعتبرون أن الاعتراف بفلسطين ضروري لتحقيق السلام في الشرق الأوسط. رئيس الحكومة النرويجية اعتبر أن هذا الدعم سيعزز من جهود السلام في المنطقة، وأنه لا يمكن تصور إقامة سلام دائم في ظل عدم الاعتراف بحقوق الفلسطينيين وتطلعاتهم. وبذلك، يُعزى هذا التحول في رؤية النرويج إلى تزايد مواطنيها بالمواقف الإنسانية إزاء إسرائيل.
في الوقت نفسه، يبرز صدى الأزمة الحالية التي تعيشها العلاقات النرويجية الإسرائيلية استجابةً للمواقف المتصاعدة. فقد أدى كل هذا إلى تفاقم الاضطراب الدبلوماسي وتحمل النرويج وطأة الحملات الإعلامية المعادية. وبناءً عليه، فإن العلاقات الثنائية شهدت توترًا غير مسبوق، مما يجعل مستقبل التعاون بين البلدين في شتى المجالات موضع تساؤل بعد الحرب.