بدأت حرب غزة في 7 أكتوبر 2023، وشهدت تصعيدًا غير مسبوق من القوات الإسرائيلية، حيث قام الاحتلال بشن أكثر من 250 ألف غارة جوية وقصف مدفعي، مستخدمًا نحو 90 ألف طن من المتفجرات، بما في ذلك أسلحة محرمة دوليًا. وأكد الدكتور محمد المغير، المدير العام لإدارة الإمداد والتجهيز بجهاز الدفاع المدني، في حوار خاص، أن هذه المتفجرات تتضمن قنابل وصواريخ لم تنفجر، والتي تمثل خطرًا كبيرًا على حياة المدنيين، وبالأخص الأطفال، حيث قُدّر عدد الأطفال الذين استشهدوا بسببها بأكثر من 90 طفلًا. كما أشار إلى أن استخدام الأسلحة المحظورة يسهم في ارتفاع أعداد الشهداء وتدمير جثثهم بالكامل، مما يجعلها تتحول إلى ذرات لا تُرى.
تحدث المغير عن حالة تبخر جثامين الشهداء، موضحًا أن نحو 7820 جثمانًا لم يتم تسجيلها بسبب تدميرها بشكل كامل على يد قنابل ذات حرارة عالية، تتراوح بين 7000 و9000 درجة مئوية. هذا يتسبب في تحول الجثث إلى ذرات صغيرة تختلط بالرمال والغبار، مما يصعب عملية البحث عنها وتحديد هوياتها. وقد ذكر مجموعة من المجازر التي ارتكبها الاحتلال والتي شهدت اختفاء جثث العديد من الشهداء، مما يترك أثرًا إنسانيًا مؤلمًا على عائلاتهم، الذين لا يزالون ينتظرون العثور على أبناءهم.
إلى جانب الحديث عن تبخر الجثامين، تم تناول ملف المفقودين، حيث يقدر عددهم بحوالي 20 ألف مفقود، منهم من تبخر ومنهم من لا يزال تحت الأنقاض. حتى عند توقف الحرب، يواجه الدفاع المدني تحديات كبيرة في التعامل مع هذا الملف المعقد، حيث يحتاجون إلى دعم لوجستي وفني لاستعادة الجثامين المفقودة وإكمال العمل الذي قد يستغرق ستة أشهر. وأكد المغير أن الوضع الإنساني في القطاع أصبح كارثيًا، والسكان بحاجة ماسة إلى الدعم والمساعدة.
فيما يتعلق باستخدام الاحتلال لأسلحة محرمة دوليًا، أكد المغير أن استخدام أسلحة تسببت في آلاف الضحايا وتحويل المناطق إلى ما يشبه ساحات المعارك، أثّر بشكل المأساوي على الفلسطينيين. وأعلن عن توثيق العديد من الجرائم التي ارتكبها الاحتلال، بما في ذلك عمليات الإعدام الميداني ضد المدنيين العزل. أشار إلى أن هذه الأفعال تتطلب محاسبة دولية على ما ارتكبه الاحتلال من انتهاكات، بما في ذلك التصنيف كجرائم ضد الإنسانية.
وبالرغم من الوضع الصعب، نفذ جهاز الدفاع المدني نحو 260 ألف مهمة خلال الحرب، مما يعكس ارتفاعًا بنسبة 1000% في حجم العمل المطلوب. يواجه الجهاز تحديات كبيرة، حيث تم تدمير 40% من قدراته اللوجستية، مما أدى إلى تدهور كفاءة عملياته. كما ذكر أن عدد من الاستغاثات التي تلقتها الفرق كانت حوالي 90 ألف إشارة، ولم يتمكنوا من الرد على جميعها بسبب القيود التي فرضها الاحتلال، مما يبرز الصعوبات التي يواجهها هؤلاء العاملون في مجال الإنقاذ وتقديم المساعدة.
أما على صعيد الخسائر، فقد تم ذكر أن 85 من أفراد الطواقم استشهدوا و292 أصيبوا، إضافةً إلى فقدان 15 عنصرًا، بينهم 9 أسرى لدى الاحتلال. أما الخسائر المالية، فتقدّر بنحو 30 مليون دولار، نتيجة الدمار المباشر الذي لحق بمراكز الدفاع المدني والسيارات. المستشفيات والمراكز الصحية، حالة الوضع الإنساني والمأساوي في القطاع، تتطلب جهودًا مستمرة وموارد ضخمة لتخطي هذه الكارثة واستعادة الوضع الطبيعي.