تشهد العلاقات بين تركيا وحلفائها الغربيين، خاصة ألمانيا والولايات المتحدة، تحولًا إيجابيًا ملحوظًا في مواقف هذه القوى تجاه أنقرة، حيث تتزايد فرص التعاون في مجالي الدفاع والأمن. في فبراير الماضي، وافق الكونغرس الأمريكي على صفقة لتوريد 40 طائرة “إف-16” وتحديث 79 طائرة أخرى ضمن الأسطول التركي. بعد ذلك، اتخذت الحكومة الألمانية خطوة مشابهة، حيث وافقت على تصدير أسلحة ثقيلة إلى تركيا، وهي الصفقة الأولى من نوعها منذ عام 2019، التي تم التصديق عليها بقيمة 368 مليون دولار. تشير التقارير إلى أن هذه الصفقة تشمل تسليم طوربيدات وصواريخ موجهة ومعدات لتحديث الغواصات.

تحولات العلاقات بين تركيا وألمانيا تبرز جليًا ولقد كانت ألمانيا تمتنع عن تصدير الأسلحة الثقيلة إلى تركيا لعدة سنوات، نظرًا للضغوط السياسية والجيوسياسية التي تمت مواجهتها، خاصة تجاه العمليات العسكرية التركية في شمال سوريا. على الرغم من عدم إصدار برلين قرار رسمي يمنع تصدير الأسلحة، إلا أن العلاقات تأثرت سلبًا بعد تزايد التوترات في البحر الأبيض المتوسط بين تركيا من جهة، واليونان وقبرص من جهة أخرى. ومع ذلك، شهدت الشهور الماضية تحسنًا كبيرًا في العلاقات بين البلدين، حيث كثف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان جهوده الدبلوماسية تجاه ألمانيا، مما ساهم في إزالة قيود صادرات الأسلحة.

إن الحرب الروسية الأوكرانية والقلق من مصادر الطاقة الروسية ساهمتا في إعادة تقييم العلاقات بين تركيا وألمانيا. فبرلين تسعى للعثور على بدائل للطاقة، مما يجعل التعاون مع تركيا خيارًا استراتيجيًا. كما تعتبر الحروب المستمرة في المنطقة لها تأثير مباشر على الاقتصاد، إذ تتطلع ألمانيا إلى تعزيز التجارة مع أنقرة كجزء من استراتيجيتها الجديدة المدفوعة بمصالحها في المنطقة.

في تطور آخر يتعلق بصفقات الأسلحة، قامت ألمانيا مؤخرًا بإعادة تقييم صفقة طائرات “يوروفايتر” مع تركيا، حيث تم منح الموافقة لبدء المفاوضات الفنية. تقدر القيمة الإجمالية لهذه الصفقة بحوالي 5.6 مليارات دولار، بعد أن كانت الموافقات السابقة تواجه اعتراضات من قبل الحكومة الألمانية. ويؤكد المسؤولون الأتراك التقدم في هذه المفاوضات، في ظل سعي أنقرة للحصول على 20 طائرة من هذا الطراز.

الاجتماع المرتقب بين المستشار الألماني أولاف شولتس والرئيس التركي رجب طيب أردوغان يعكس الرغبة في إعادة صياغة العلاقات بين البلدين في إطار استراتيجية جديدة، حيث يُتوقع أن تتناول المفاوضات القضايا الأمنية والعسكرية. ويشير بعض التقارير إلى أن المفاوضات بشأن صفقة “يوروفايتر” بدأت بالفعل، مشيرةً إلى وجود وفد ألماني في تركيا لمناقشة جوانب مختلفة تشمل تدريب الطيارين وصيانة الطائرات، رغم وجود بعض الشكوك حول فرض برلين شروط معينة على الصفقة.

على الرغم من التحديات، فإن تركيا تأمل في توسيع نطاق التعاون مع ألمانيا في مجالات متعددة، ولاسيما في تطوير قدراتها الدفاعية. التحولات في العلاقات الحالية تشير إلى إمكانية الوصول إلى تفاهمات مشتركة تخدم المصالح الاستراتيجية لجميع الأطراف المعنية، وتسهم في عودة العلاقات إلى مسارها الإيجابي.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.