أعلنت شرطة الاحتلال الإسرائيلي في القدس عن نيتها إنشاء مركز شرطة جديد في شارع الواد بالقرب من باب الحديد في البلدة القديمة. يأتي هذا الإعلان بعد طلب الشرطة من رئيس اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء الحصول على التصاريح اللازمة للبدء في بناء المبنى، حيث تم لصق إعلان يوضح هذه النية على الموقع المستهدف. المخطط يتضمن إنشاء مبنى يتكون من ثلاثة طوابق في قطعة أرض خالية من المباني، وسيكون مرتبطًا بمبنى “بيت الحنان”، الذي استولى عليه الاحتلال الإسرائيلي في عام 1991.
في سياق هذا الموضوع، حذر الباحث المقدسي فخري أبو دياب من التداعيات الخطيرة لبناء هذا المركز الشرطي بالقرب من المسجد الأقصى. حيث يعتبر أن هذا الإجراء يهدف إلى تعزيز السيطرة الإسرائيلية على المسجد الأقصى من خلال تواجد أعداد أكبر من القوات الشرطية في المنطقة، مما يسهل عنها التدخل السريع في أي ظرف أمني. أبو دياب شدد على أن الاحتلال يسعى إلى خطوات تصعيدية في البلدة القديمة، تتضمن إقامة مزيد من الحواجز العسكرية التي سيصعب من خلالها وصول المصلين إلى المسجد.
وعبر أبو دياب عن قلقه من أن المركز المزمع إنشاؤه لن يكون مجرد مركز أمني بل قد يتحول إلى بؤرة استيطانية. حيث يشير إلى أن الطابق الثالث من المبنى قد يصبح مركزًا لمراقبة المسجد الأقصى والمناطق المحيطة به. هذا المركز، بحسب الباحث، يأتي في إطار خطة أكبر تتعلق بفرض وقائع تهويدية على المسجد الأقصى، في ظل الحاجة إلى المزيد من المنشآت الأمنية التي تستخدم كأماكن للاعتقال والتحقيق بالقرب من الموقع المقدس.
كما أضاف أن بناء هذا المركز يمكن أن يؤدي إلى تغيير الطابع المعماري للبلدة القديمة، من خلال زيادة عدد المباني التي قد تُستخدم كبؤر استيطانية. هذا الأمر قد يسهم في جذب عدد أكبر من المستوطنين الذين يقتحمون المسجد الأقصى، فضلاً عن زيادة تواجد قوات الحراسة والتركيب المستمر لكاميرات المراقبة حول المبنى. نجاح الاحتلال في تنفيذ هذا المشروع قد يُسهم في تعزيز النفوذ الإسرائيلي في المنطقة.
المركز المزمع إنشاؤه، والذي يعد من أكبر المباني الشرطية عرضًا، يأتي في وقت تشهد فيه البلدة القديمة عددًا من مراكز التوقيف والتحقيق الحالية. تشمل هذه المراكز مركز بيت إلياهو، مركز باب الأسباط، ومركز المدرسة التنكزية وغيرها، مما يوضح التركيز الإسرائيلي على تثبيت الوضع الأمني في القدس القديمة. إذاً، يُعتبر هذا المشروع علامة أخرى على السياسة الإسرائيلية المستمرة في المنطقة، والتي تسعى إلى تعزيز السيطرة من خلال توسعة وجودها الأمني.
في النهاية، يبقى السؤال مطروحًا عن تأثير هذا المشروع على الوضع الراهن في القدس. إذ يمكن أن يؤدي إنشاء مركز الشرطة هذا إلى زيادة التوترات في المنطقة، وتعقيد جهود الوصول إلى المسجد الأقصى. كما أن المخططات الإسرائيلية المستمرة لبناء مزيد من الهياكل الأمنية قرب المواقع التاريخية والدينية تعكس الاستراتيجيات التي تعتمدها في محاولة تغيير الواقع المعماري والاجتماعي في البلدة القديمة، وهو ما يثير القلق بين الأوساط الفلسطينية والدولية.