تتصاعد الأوضاع الإنسانية في لبنان بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية التي بدأت منذ مطلع أكتوبر، والتي تفاقم من معاناة اللاجئين السوريين المقيمين هناك. هؤلاء اللاجئون، الذين هربوا من المذابح في سوريا، يجدون أنفسهم في حلقة ضعيفة للغاية، معرضين لخطر الموت من جديد. تشير التقارير إلى مقتل أكثر من مئة سوري جراء الغارات الجوية الإسرائيلية، وهو ما دفع آلاف اللاجئين، هناك، للفرار مرة أخرى نحو سوريا، بحثًا عن أمان مفقود. وقد أفاد بيان للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين بوجود حشود كبيرة من النساء والأطفال الذين يقضون أيامًا في العراء وسط ظروف قاسية، بينما يُقدر عدد الذين عبروا الحدود إلى سوريا بحوالي 400 ألف شخص.
وعلى جانب آخر، تتزايد الهجمات السورية في مناطق إدلب وحلب، ما يضع المدنيين مع اللاجئين في خطر متزايد. نائب منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية، مارك كتس، قد أعرب عن قلقه بشأن الأوضاع المتدهورة في شمال سوريا، حيث يعيش حوالي 2.8 مليون نازح في ظروف إنسانية صعبة. وفي حديثه، تطرق عبد الفتاح الأحمد، أحد اللاجئين، إلى تجربته المؤلمة، مشيرًا إلى أنهم كانوا قد فروا من المذابح في سوريا، واليوم يواجهون خطرًا جديدًا في لبنان، حيث يضطرون للبحث عن مكان آمن وسط الصواريخ.
مع استمرار القصف، يوجه الأحمد انتقادات عنيفة للحالة الإنسانية للسوريين، مُشيرًا إلى أن معظم سكان المناطق المعرضة للقصف يلجئون للمدارس والحدائق بعد امتلاء مراكز الإيواء. هذا النزوح الجماعي أصبح مشهداً مألوفاً، حيث يسعى السوريون للبحث عن ملاذ آمن وسط دوامات من الخوف. الأحمد، الذي يشكك في إمكانية العودة إلى الوطن قبل تأمين السلامة، يروي الكابوس الذي عايشه وينقل يأسه من الظروف الحالية.
في سياق مناقشة عودة اللاجئين، تبرز التحديات العديدة التي تواجه العائدين. الناشط الحقوقي طارق الحلبي يشير إلى عدم مرونة نظام الأسد تجاه العائدين، خاصة أولئك الذين كانوا ضمن المعارضة أو ارتبطت أسماؤهم بالمشاركة في الاحتجاجات. ويؤكد الحلبي أن النظام لا يملك مصلحة في عودة اللاجئين، ويعرب عن خشيته من عواقب وخيمة قد يتعرضون لها إذا ما قرروا العودة إلى وطنهم.
على المستوى الدولي، تزداد الضغوط نتيجة لتصاعد الأزمة السورية، حيث تُعتبر قضية اللجوء السوري تحديًا كبيرًا للمجتمع الدولي. مع تقديم 13 مليون سوري طلبات للجوء، يُشير المسؤولون إلى الحاجة العاجلة لمعالجة الأسباب الجذرية للأزمة. الوضع الحالي يثير مخاوف الدول الأوروبية من تزايد موجات الهجرة، مما دفعها لتبني استراتيجيات جديدة للتعامل مع قضايا اللاجئين.
الرئيس السوري بشار الأسد يبدو أنه يحاول فتح باب الحوار حول عودة اللاجئين، ولكنه يضع شروطًا مسبقة تتعلق بتحقيق الاستقرار والأمن. النواب والمعارضون يرون أن دعوته ليست سوى وسيلة لكسب التأييد الدولي، ويؤكدون أن العودة بموجب الظروف الحالية تتطلب تغييرًا جذريًا في القيادة السورية، وأن عودة اللاجئين لا يمكن أن تبدأ إلا برحيل النظام، مما يفرض تحديًا متواصلًا يحتم على المجتمع الدولي التفاعل بجدية وبضغوط كافية لتحسين الوضع.