في بداية أكتوبر/تشرين الأول 2024، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي عن بدء عملية عسكرية جديدة في منطقة شمال قطاع غزة، وهي العملية الرابعة في سياق الصراع المستمر. وكشفت تقارير أنه تم تصميم خطة تستهدف السيطرة على شمال القطاع، وقد تم قبول هذه الخطة من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. تتضمن الخطة، التي قدمها مجموعة من الجنرالات، تهجير سكان شمال غزة قسراً عبر فرض حصار دقيق على المنطقة، مما يحظر دخول المساعدات الإنسانية، ويعرض المقاومين للخيارات القاسية للموت أو الاستسلام. وقد أسفرت العمليات العسكرية عن استشهاد أكثر من 1800 فلسطيني، بالإضافة إلى تدمير مرافق حيوية مثل المستشفيات ومراكز الإيواء.
استقصى مركز رؤية للتنمية السياسية بعمق الأرآء من الخبراء والأكاديميين حول مآلات هذه الخطة وقدرة الاحتلال على تنفيذها، والمدى الذي يمكن أن تلعبه البدائل الفلسطينية في مواجهتها. تمحورت الأسئلة حول فحص مآلات الخطة، وإمكانية إيجاد طرف فلسطيني يمكن أن يتعامل مع الاحتلال، والأهمية المحتملة للموقف العربي والإقليمي في مواجهة هذه الإجراءات. بالإضافة إلى ذلك، بحث الخبراء في مستقبل القطاع، وحظوظ نجاح الجهود الأميركية في إشراك إسرائيل في مسار دبلوماسي بدلاً من الحرب.
يعتبر خبراء التحليل أن خطة الجنرالات تعكس توجهاً أيديولوجياً، وهي بمثابة بديل لفكرة الترحيل الكلي لشعب غزة. تسعى هذه الخطة إلى تحقيق مكاسب سياسية من خلال إظهار نجاحات عسكرية تساهم في تحصيل دعم شامل من جميع الأطياف. قد تتمكن “إسرائيل” من تنفيذ المرحلة الأولى من خطتها عبر التهجير القسري، إلا أن فرص تحقيق الأطراف المتبقية من الخطة تعتمد بشكل كبير على مجريات المعركة ومقاومة الشعب الفلسطيني المستمرة.
في حال نجاح “إسرائيل” في تطبيق هذه الخطة، فإن هذا قد يؤدي إلى إنشاء واقع جديد ينزع الشمال من حدود القطاع. تاريخياً، شهدت المنطقة عمليات مشابهة لأحداث مثل حرب 1956، حيث أعادت “إسرائيل” حدودها متجاهلة الكثير من الاتفاقيات. يؤكد التحليل أن الموقف الأميركي يتوجه نحو إعادة تنظيم المشهد الإقليمي بشكل يسمح لإسرائيل بتعزيز وجودها، وهذا يتقاطع مع الأهداف الأوسع للسياسة الأميركية في الشرق الأوسط.
مواجهة الاحتلال تتطلب من الفلسطينيين توحيد رؤاهم وخلق إدارة بديلة تأخذ في الاعتبار المخاطر التي تواجهها القضية الفلسطينية. يجب أن تكون هناك استجابة سريعة للمستجدات، مع بناء هياكل سياسية موازية تؤكد الوجود الفلسطيني وتنسق جهود المقاومة. كما يتطلب الأمر تحالفاً مع القوى العربية والإقليمية، وإعادة تعزيز منظمة التحرير باعتبارها الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني.
في الختام، إن الأوضاع الحالية تشير إلى عدم وجود مدخل واسع لإقامة نموذج إداري جديد تحت احتلال “إسرائيل”، فالتجارب السابقة تعزز موقف الفلسطينيين الرافض لأي محاولات تهميشهم، وبالتالي فإن ما يجري في شمال غزة يمثل تحدياً حقيقياً يتطلب استجابة سياسية وعسكرية متكاملة. السيناريوهات المستقبلية تعتمد بشكل متزايد على التنسيق الفلسطيني ضد الاحتلال، وتأثيرات الأحداث الإقليمية والدولية.