تبدأ زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المغرب، والتي تستمر ثلاثة أيام، بعد سنوات من العلاقات المتوترة، مما يشير إلى إمكانية انطلاق مرحلة جديدة بين البلدين. تأتي هذه الزيارة بعد إعلان فرنسا عن تأييدها لمبادرة الحكم الذاتي للصحراء كحل أساسي للنزاع، مما يعتبر مؤشراً على تغير جذري في موقف باريس تجاه قضية لطالما كانت محل خلاف. تُعتبر هذه الزيارة تاريخية، إذ تُعد الأولى لرئيس فرنسي منذ عام 2013، عندما زار فرانسوا هولاند المغرب.

تشمل زيارة ماكرون جدول أعمال متنوع، حيث يرافقه وفد رسمي كبير يتجاوز عدد أفراده 100 شخص، يمثلون مختلف المجالات الحكومية والاقتصادية والثقافية. يلتقي ماكرون خلال أول يوم من الزيارة بالملك محمد السادس لإجراء مباحثات ثنائية تركز على تعزيز التعاون بين البلدين في مجالات متعددة، بما في ذلك الأمن والطاقة والمياه والتعليم. من المتوقع أيضاً توقيع عدد من الاتفاقيات التي تعكس الالتزام المتبادل بتعزيز التعاون.

لقد شهدت العلاقات بين فرنسا والمغرب توترات عديدة في السنوات الثلاث الأخيرة، تمثلت في اتهامات بالتجسس وقرارات مشددة تتعلق بالتأشيرات. هذا قد دفع المغرب إلى تخفيض مستوى التعاون مع فرنسا في بعض الملفات الحساسة، مما كان له تأثير على ديناميكيات السلطة والنفوذ بين البلدين. يشير محللون إلى أن التحولات الجيوسياسية الأخيرة في القارة الإفريقية سمحت للمغرب بتعزيز مكانته، مما أدي إلى إحباط فرنسا التي اعتادت على دورها كمؤثر رئيسي في المنطقة.

يشير المحلل السياسي محمد العمراني بوخبزة إلى أن فرنسا كانت تراهن على شراكة غير متكافئة، لكن الواقع الجديد فرض على الطرفين الانتقال إلى مرحلة شراكة أكثر عدلاً. يمكن القول إن المغرب يفضل التعاون القائم على المصالح المتبادلة، مما يفسر الموقف الجديد الذي اتخذته فرنسا بشأن قضية الصحراء. يبدو أن كليهما مدركان لأهمية بناء علاقة قوية ومبنية على الاحترام المتبادل، وهو ما قد يكون له تأثير إيجابي على العلاقات المستقبلية.

على صعيد الاقتصاد، تعتبر زيارة ماكرون فرصة لتعزيز التعاون التجاري والاستثماري، إذ يرافقه عدد من رجال الأعمال وممثلي الشركات الكبرى. من المنتظر أن تُعزز اللقاءات الثنائية من فرص الاستثمار الفرنسي في المغرب، وخاصة في المناطق الجنوبية. هناك مشاريع متعددة تشمل تطوير بنية تحتية قوية، مثل خطوط الكهرباء والاتفاقيات مع شركات الطيران، مما يعكس الرغبة الجادة للطرفين في فتح آفاق جديدة للشراكة الاقتصادية.

استمرت فرنسا في قيادة الاستثمارات الأجنبية في المغرب، حيث أظهرت الأرقام زيادة كبيرة في التدفقات المالية من قبل المستثمرين الفرنسيين. يظل المغرب بدوره أحد أكبر المستثمرين الأفارقة في فرنسا، مما يشير إلى توازن متبادل في الاستثمارات، وعلاقة تؤكد على الترابط الوثيق بين اقتصادات البلدين. في النهاية، تعكس الزيارة ومحاورها الجديدة تحولاً استراتيجياً في العلاقات، يهدف إلى بناء شراكة قائمة على أسس متينة ومستدامة في المستقبل.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.