في يوم الثلاثاء الماضي، وافق البرلمان الإيراني على مشروع ميزانية العام المقبل، الذي سيبدأ في 21 مارس/آذار، حيث تم تخصيص زيادة كبيرة للمؤسسات العسكرية، إذ أعلنت المتحدثة باسم الحكومة، فاطمة مهاجراني، أن ميزانية الدفاع شهدت زيادة قدرها حوالي 200%. الهدف من هذه الزيادة هو تلبية الاحتياجات الأمنية والعسكرية للبلاد، خصوصًا في ظل الأزمات والصراعات المتزايدة في المنطقة، حيث جاء هذا الإعلان بعد أيام قليلة من الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف مواقع عسكرية إيرانية. ومع ذلك، يجب ملاحظة أن الميزانية لم تعتمد رسميًا بعد، إذ ستخضع لمزيد من الفحص وأعمال اللجان.
في الميزانية الجديدة، تم تحديد إجمالي المبلغ للمؤسسات العسكرية بنحو 469 ألف مليار تومان (حوالي 6.8 مليارات دولار). الحرس الثوري الإيراني وهيئة الأركان المشتركة تحظى بميزانية تصل إلى نحو 125 ألف مليار تومان (1.8 مليار دولار)، إلا أن حجم الموارد المالية الموجودة لتمويل الأنشطة العسكرية، مثل عائدات النفط، غير محدد بشكل دقيق في الميزانية. حسين حقيان، أستاذ السياسة والباحث العسكري، أشار إلى أن هذه الزيادة قد تلبي بعض الاحتياجات التنظيمية والداخلية وأيضًا أهداف الردع.
حيث يعتقد حقيان أن هناك فجوة واضحة بين الأهداف العسكرية لإيران ومواردها المتاحة، مما يستدعي تخصيص جزء من الميزانية لتحسين الأوضاع الاقتصادية للعسكريين. كما أكد أن الزيادة في الميزانية قد تساعد في تعزيز تجهيزة القوات الأمنية للحدود، التي أظهرت ضعفها خلال الهجمات الأخيرة، حيث إن المعدات القليلة المتاحة ساهمت في العدد المرتفع من الخسائر. كذلك، من المتوقع أن تسهم هذه الميزانية في تطوير أنظمة المراقبة الذكية على الحدود.
بالنسبة للأهداف الاستراتيجية، يسعى تقدير الميزانية إلى تعزيز القدرات الرادعة لإيران، حيث تتضمن تحديث الأسلحة ومواجهة التهديدات الخارجية الصريحة. التهديدات الإسرائيلية لا تُعتبر مجرد حالات محددة، بل هي جزء من استراتيجية إيرانية شاملة تعني بأن العمل على تحديث الأسلحة وتطويرها يعد ضرورة ملحة. في هذا السياق، يتمثل جزء من استراتيجيات الردع في التركيز على تطوير أنظمة الصواريخ والطائرات المقاتلة، وكذلك استخدام تقنيات مثل الأقمار الصناعية والطائرات الموجهة لتحديث قدرات التجسس والمراقبة.
في نفس السياق، يبرز دور الميزانية كوسيلة لإرسال رسائل سياسية ونفسية إلى الدول المجاورة، حيث تعتبر هذه الزيادة علامة دعم الحكومة للقوات المسلحة ولرسالتها الواضحة بأنها لن تتراجع عن حماية أراضيها وأمن بلدها. يجد الباحث العسكري محمد مهدي يزدي أن هناك بعدًا نفسيًا في هذا القرار، حيث يُظهر التزام إيران بدعم قدرتها العسكرية، وهو يهدف أيضًا إلى تغطية النقاط الضعيفة التي تم الكشف عنها في السابق، وخاصة بعد الهجمات الأخيرة من قبل إسرائيل.
ختامًا، تعكس الميزانية المقترحة توجهاً واضحاً نحو تعزيز القدرة العسكرية الإيرانية في مواجهة التحديات المتزايدة، بما في ذلك التوترات مع إسرائيل والأزمات الإقليمية. هذه الخطوة ليست مجرد زيادة في الإنفاق، بل هي جزء من رؤية استراتيجية تهدف إلى تقديم موقف إيران كقوة رادعة في المنطقة وزيادة التأثير العسكري والسياسي.