تناولت الأحداث الأخيرة في القدس المحتلة، بداية من السابع من أكتوبر 2023، الفارق الكبير الذي أحدثته معركة “طوفان الأقصى” في حياة المقدسيين. يشير المقدسيون إلى أن حياتهم أصبحت منقسمة بين فترة قبل هذا التاريخ وبعده، حيث انطلقت هذه المعركة التي تسببت في عدوان إسرائيلي مكثف على قطاع غزة. ومع مرور عام كامل على هذه الأحداث، تبرز آثار الألم والمعاناة التي لن يمكن لأي سلام مستقبلي التغاضي عنها أو محوها. ومع هذا، يُجري المقدسيون مراجعة شاملة لأسلوب حياتهم بعد هذه الحرب، وتتضح مخاوفهم من اتساع نطاق الصراع ليشمل مدينتهم.
وصف الشاب محمد دويك الأثر العميق للحرب على وعي المقدسيين بقضيتهم، موضحاً كيف أدت الأحداث إلى إحياء الشعور بالانتماء وإعادة تقييم العلاقات مع الاحتلال. وقال إن الحرب كانت بمثابة صفعة لكل من غفل عن قضيته الأساسية، وكشفت عن عمق السياسات العنصرية التي نُفذت تجاه الفلسطينيين. وأكد دويك أن هذه السياسات قد تعززت بعد الصراع، مما أضطر المقدسيين إلى مواجهة واقعهم بشكل مباشر وجعلهم يشعرون بضرورة الرباط على الأرض والتأكيد على هويتهم.
كما أشار المقدسيون إلى أن الحرب تسببت في تغيير جوانب حياتهم اليومية بشكل جذري. وتمتد هذه التغييرات إلى مختلف مجالات الحياة، بما في ذلك التعليم، والاقتصاد، والاجتماع. هذه الضغوط جعلتهم يفكرون بإيجابية حول مستقبلهم وقضيتهم، فقد أظهر البعض تمسكاً أكبر بحقهم في الإقامة في القدس وعدم التفكير في الهجرة. لكن تبقى المخاوف قائمة، حيث نجد الأب محمد دويك يعبر عن قلقه على مستقبل طفله في ظل الظروف المتدهورة، ويخشى أن تؤدي الحرب إلى تهجيرهم كما حدث في السابق.
من جهة أخرى، عبرت المقدسية (ف.م) عن مخاوفها بشأن المسجد الأقصى، حيث ترى أن المستوطنين يستغلون هذه الحرب للتعتيم على الانتهاكات المتزايدة التي تطال الأقصى. وتصف كيف يتزايد منسوب العنصرية والاعتداءات اليومية على المقدسيين، في ظل انشغال العالم بأحداث غزة. هذه المشاعر المؤلم تعكس قلق العديد من المقدسيين الذين يشعرون بالعجز حيال نصرة قضيته بسبب القيود المفروضة عليهم. فالعجز عن التظاهر أو التعبير عن الدعم لغزة تحت نظام الاحتلال يخلق شعوراً شديد القسوة والحزن.
كما عبرت (ف.م) عن مخاوفها من أن تؤدي الحرب إلى تغييرات جذرية في حياتهم اليومية، حيث تعتمد الأسر المقدسية على الخدمات الأساسية المقدمة من الاحتلال. وفي حال اتسعت دائرة الصراع، ستصبح الحياة أكثر صعوبة ومعاناة بالنسبة للمقدسيين. علاوة على ذلك، يشكل قرب المستوطنين منهم تهديداً إضافياً يضيف إلى قلقهم، إذ أن الحياة اليومية تحت ضغط الاعتداءات تدفعهم إلى التحسب لأي طارئ قد يعرض حياتهم للخطر.
أما أبو إبراهيم، فقد بدأ في اتخاذ الاحتياطات اللازمة، مثل تخزين الماء تحسباً لتفاقم الأوضاع. ومع ذلك، يبقى لديه شعور بالقلق والخوف من أن لا يسعفهم هذا الماء في حالة التهجير. هذا الشعور بعدم الاطمئنان وغير القادر على توقع المستقبل يطال العديد من الأسر المقدسية. وبينما يتحدث عن مشاعره، يتردد صدى الدعاء بين أروقة المدينة، ممزوجاً بالأمل في أن ينعموا بالأمان في بلدانهم، وهو ما يبقى حلماً بعيد المنال في ظل الظروف الراهنة.