مع مرور عام على بدء عملية “طوفان الأقصى” وما تبعها من عدوان إسرائيلي مستمر على قطاع غزة وامتداده إلى جنوب لبنان، يظل الموقف الأمريكي محوريًا في التطورات الجارية. لا تلعب أي عاصمة أخرى دورًا مشابهًا لما تلعبه واشنطن في هذا الصراع. ولتحليل كيفية تناول الولايات المتحدة للهجمات التي وقعت في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ومدى تأثير ذلك على سياستها تجاه الشرق الأوسط، أجرت الجزيرة نت حوارًا مع أسامة خليل، أستاذ التاريخ في كلية ماكسويل للمواطنة والشؤون العامة بجامعة سيراكيوز. يؤكد خليل، الذي تعرض لاحقًا لضغوط من جماعات يهودية بسبب مواقفه، أن هذا العدوان يعيد قضية تقرير المصير الفلسطيني إلى واجهة الصراع بعد أن تم تهميشها لفترة طويلة.

يشير خليل إلى أن الهجمات على غزة لم تؤثر على الخطوط العريضة للسياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، بل أعادت التأكيد على دعم الولايات المتحدة لإسرائيل بشكل غير مسبوق. فمنذ ذلك الحين، تم إرسال كميات هائلة من المساعدات العسكرية إلى إسرائيل، بما في ذلك أسطول بحري وطائرات مقاتلة، بينما استمرت واشنطن في حماية تل أبيب من أي محاسبة دولية. في هذا السياق، برزت توجهات تهدف إلى عرقلة أي مبادرات لمحاسبة إسرائيل في المحافل الدولية، رغم مضي الجنائية الدولية في إصدار مذكرات توقيف ضد شخصيات إسرائيلية متهمة بارتكاب جرائم حرب.

أما بالنسبة للدول العربية، فيشير خليل إلى أنها قد نجحت الولايات المتحدة وإسرائيل في تهميش دعمها لفلسطين منذ توقيع اتفاق اوسلو. بعد فشل تلك الاتفاقات، أدت العديد من المتغيرات، بما في ذلك الحرب على الإرهاب وزيادة النفوذ الإيراني، إلى تراجع الأولوية للقضية الفلسطينية من قبل الحكومات العربية. وتظل الردود العربية محدودة، حيث إن الدول المتحالفة مع واشنطن تعتمد على الدعم الأمريكي للحفاظ على استقرارها. وتعكس هذه الديناميكية انتظار تلك الدول تحقيق انتصارات عسكرية ضد حماس وحزب الله لإظهار عدم جدوى المقاومة.

في ضوء فهم نخبة السياسة الخارجية الأمريكية لوقائع الهجمات، يبرز خليل أن النظرة السائدة تجاه الفلسطينيين تفتقر إلى الاعتراف بحقوقهم الإنسانية، حيث يتم اختزال القضية إلى صراع إرهابي. وبالتالي، فإن التركيز الأمريكي ينصب على الأثر العاطفي للهجمات تجاه الإسرائيليين، في حين يتم تجاهل أعداد الضحايا الفلسطينيين ومأساة الوضع الإنساني في غزة. تكشف هذه الدينامية عن الفجوة السحيقة بين الإدراك الأمريكي لتجربة الإسرائيليين ومعاناة الفلسطينيين.

وعن كيفية تعامل واشنطن مع الوضع الإنساني المتدهور في غزة، ينتقد خليل إدارة بايدن على رفضها الانصياع للتقارير الدولية التي توثق الجرائم المرتكبة ضد الفلسطينيين. فبدلاً من السعي نحو التهدئة أو المساعدة الإنسانية، تواصل الإدارة دعمها العسكري لإسرائيل، مما يزيد من تفاقم الأوضاع. وتواجه العديد من العائلات الفلسطينية شتاتًا وفقدانًا كاملاً في الوقت الذي تتعرض فيه البنية التحتية للدمار الشامل. وقد أدى هذا إلى تفاقم الكارثة الإنسانية، وهو ما يتجاهله المسؤولون الأمريكيون.

في سياق انتخابات 2024 الرئاسية، يشير خليل إلى أن النتائج ستحقق تكاملاً أكبر بين واشنطن وإسرائيل، حيث يتوقع نوعًا من الاستمرارية في السياسات الأمريكية التي تدعم عمليات الضم الإسرائيلية. أيًا كانت نتيجة الانتخابات، فإن الانقسام بشأن القضية الفلسطينية سيتزايد على الأرجح بين النواب الأمريكيين، خاصة بين قواعد الحزبين. بينما تظهر توجهات شبابية متزايدة تعارض التصعيد العسكري، تبقى الآمال معقودة على التغيير الذي قد يحدث في الرأي العام الأمريكي في المستقبل القريب.

في ختام الحوار، يؤكد خليل أن هجمات 7 أكتوبر تمثل فرصة للشعوب العربية والعالم للتدخل وإيجاد حل دبلوماسي للصراع، إلا أن إدارة بايدن بدلاً من ذلك استثمرت في دعم العمل العسكري الإسرائيلي. الحل العسكري يكتسب أولويات على حساب التوجهات الدبلوماسية، مما يثير تساؤلات حول إمكانية حل الدولتين. يستشعر الكاتب أن بنية الاحتلال الإسرائيلية تجعل من الصعب تبرير استمرار الدعم الأمريكي، ويدعو لمزيد من النضال من أجل حقوق الفلسطينيين، حيث يجب أن تكون قيمة المساواة والعدالة محور عملية السلام المستقبلية.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version