تستعد العاصمة الفرنسية باريس لاستضافة مؤتمر دولي تحت شعار “دعم سيادة لبنان وشعبه”، والذي سيعقد في 24 أكتوبر/تشرين الأول الجاري. يأتي هذا الحدث في ظل الأوضاع الحرجة التي يعيشها لبنان بسبب العدوان المستمر والتحديات الاقتصادية والسياسية الكبيرة، ويهدف إلى حشد جهود المجتمع الدولي لدعم الشعب اللبناني وتعزيز قدرات الجيش اللبناني لمواجهة التحديات المتزايدة. وقد أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية أن المؤتمر سيتضمن مشاركة واسعة من منظمات دولية وإقليمية والمحلية، وكذلك من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، كما أن المؤتمر ينظم بمبادرة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

تنصبّ توقعات المؤتمر حول عدة نقاط محورية تتعلق بحاجات الشعب اللبناني، حيث يركز على مساعدة النازحين اللبنانيين ودعم الجيش اللبناني كونه ضامنًا للاستقرار الداخلي. كما سيبحث المؤتمر سبل الحلول الممكنة لإعادة النازحين إلى بلادهم وفقًا لقرار مجلس الأمن 1701، وتنشيط المسار السياسي لانتخاب رئيس جمهورية جديد للبنان. يرى المحلل السياسي جورج علم أن المؤتمر يعد حلقة مهمة في إطار اهتمام فرنسا الخاص بلبنان، مما يعكس القيمة السياسية التي يملكها لبنان في المشهد الإقليمي والدولي.

وعلى الرغم من التحديات، يسعى المؤتمر إلى تحقيق أهداف سياسية وإنسانية متعددة. يتمثل أحد الأبعاد الرئيسية في محاولة وقف إطلاق النار، مستندًا إلى تصريح الحكومة اللبنانية بهدف تعزيز الأمن في البلاد. بالإضافة إلى ذلك، يقوم المؤتمر بتعبئة عالمية للضغط على جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك إسرائيل وإيران، للامتثال لقرارات الأمم المتحدة وضمان السيادة اللبنانية. يشدد علم على أهمية تعزيز قدرات القوات المسلحة اللبنانية لضمان استقرار الوضع الداخلي، مما يجعل الجيش عنصرًا مركزيًا في المعادلة الأمنية.

الوضع الإنساني في لبنان يتطلب أيضًا موارد عاجلة، الأمر الذي يضع على عاتق المؤتمر ضرورة تسليط الضوء على الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء والرعاية الصحية. في ظل وجود حوالي 1.3 مليون نازح، يجب أن يكون هناك دعم عاجل لضمان استقرار الأوضاع الإنسانية في البلاد. كما يُطرح تساؤل جدي حول مدى تأثير التصعيد العسكري الذي قد تنتهجه إسرائيل على نجاح المؤتمر ومدى قدرته على خلق بيئة إيجابية للعمل الدبلوماسي. وفي هذا السياق، يعتزم وزير الخارجية الأميركي القيام بجولات دبلوماسية بنفس الفترة، وهو ما قد يؤثر على مجريات المؤتمر.

تختلف رؤية المحلل إبراهيم حيدر بشأن المؤتمر، حيث يرى أنه يركز على تقديم مساعدات إنسانية بدل من معالجة قضايا وقف إطلاق النار. ويُحتمل إجراء مشاورات حول التصعيد في الجنوب، مما يدفع نحو تطبيق القرار 1701. يعتقد حيدر أن نجاح المؤتمر يعتمد على دعم مالي متواصل للبنان، وتعزيز موقفه الاستراتيجي في حال استمر العدوان. يؤكد ضرورة التواجد الأمريكي الفعال في المؤتمر، مشيرًا إلى أن عدم وجود استراتيجية واضحة من الولايات المتحدة قد يعيق تقدم مؤتمر باريس.

في سياق آخر، يعبر حيدر عن قلقه من مواقف إسرائيل، التي تسعى إلى حرمان فرنسا وأوروبا من التأثير في المسار التفاوضي المرتبط بلبنان. يجب مراقبة مستوى تمثيل الولايات المتحدة في المؤتمر، حيث يمكن أن تكون مشاركة بلينكن مؤشراً على إمكانية الضغط لتحقيق وقف إطلاق النار. وجود إسرائيل وقدرتها على التأثير في المسارات الدبلوماسية قد تحد من فرص نجاح المؤتمر، خصوصًا مع المواقف الانتقادية الأخيرة من قبل ماكرون تجاه تصرفات إسرائيل.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version