عقد مؤتمر دولي في باريس مؤخرًا بهدف حشد دعم الجهات المانحة للسودان، رغم أن السلام يبدو بعيد المنال في بلد دمره الصراع الدائر بين الجيش وقوات الدعم السريع. الصحيفة الفرنسية “ليبراسيون” وصفت الوضع بأنه “حرب من أجل لا شيء”، حيث تسببت هذه الحرب في تدمير إحدى أكبر الدول في أفريقيا، والتي تبلغ مساحتها 1.8 مليون كيلومتر مربع. تعكس الأحداث في السودان أزمة إنسانية خانقة، إذ تتسبب الأعمال القتالية في فقدان العشرات من الأرواح، وتهجير الملايين، بينما تتحطم البنية التحتية وتنهار الاقتصاد بشكل كارثي.

تسبب النزاع الذي يقوده الجيش تحت قيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، المعروف بحميدتي، في مقتل عشرات الآلاف و نزوح 6 ملايين شخص، بالإضافة إلى تدفق 1.7 مليون لاجئ إلى الدول المجاورة. تشير التقارير إلى أن الحرب أدت كذلك إلى تردي الأوضاع الإنسانية، حيث أصبحت المجاعة تهدد حياة الملايين. المؤتمر الذي عُقد برعاية مشتركة من فرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي، يهدف إلى جمع التمويل اللازم لمساعدة المتضررين من الحرب.

ذكرت المديرة الإقليمية لمنظمة التضامن الدولية، جوستين موزيك بيكيمال، إن الحاجة ملحة لتوفير 3.8 مليارات يورو لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة. وأعربت عن قلقها العميق إزاء الدمار الذي أحدثته الحرب، مشيرة إلى مشاهد مروعة تدهش العاملين في المجال الإنساني، بما في ذلك مشاهد النساء اللواتي يمزقن لحاء الأشجار لإطعام أطفالهن. يُعاني 18 مليون نسمة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، مما يستدعي توفير 300 شاحنة على الأقل لتفادي المجاعة المتفاقمة.

بدوره، حذرت الأمم المتحدة من أن السودان بعد مرور 18 شهرًا على بداية النزاع، مهدد بمجاعة وكوليرا. وقامت المنظمة بإجراء تحقيقات في انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها الأطراف المتحاربة، والتي شملت الهجمات على المدنيين وكذلك استهداف البنية التحتية مثل المدارس والمستشفيات وشبكات المياه والكهرباء. وصفت التقارير انتهاكات جسيمة، مثل الاستعباد الجنسي والنهب، فضلًا عن تجنيد الأطفال، مع التركيز على تجارب المجتمعات غير العربية.

وصفت بيكيمال الموقف الذي شهدته خلال زيارة لها إلى الحدود التشادية بأنه مروع، إذ شهدت تدفق 80 ألف شخص في 48 ساعة، مصابين بإصابات بالغة. وبناءً على تحقيقات أممية، تم تقدير عدد القتلى في مدينة الجنينة وحدها ما بين 10 آلاف و15 ألف شخص، مع وجود إشارات واضحة إلى إبادة جماعية محتملة في دارفور. رغم ذلك، فشلت الجهود السابقة من المنظمات الإقليمية والدولية في توحيد الصفوف لتحقيق السلام، مما جعل الأمل في تحقق تسوية سلمية ضئيلًا.

تثير صحيفة “ليبراسيون” تساؤلات حول ما إذا كان مؤتمر باريس سيفعل شيئًا لأجل إنهاء هذا النزاع. الحكومة السودانية المعترف بها دوليًا أعربت عن استيائها من عقد المؤتمر، واعتبرته اعتداءً على “سيادتها”. في ظل هذه الظروف المتوترة، يظل سؤال النجاح أو الفشل قائمًا، ويكتسب الوضع الإنساني في السودان طابعًا متزايدًا من القلق، حيث يتجه البلد نحو هوة أكبر من التدهور.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.