في تقرير نشرته صحيفة لوفيغارو، تم تسليط الضوء على كيفية تعزيز إسرائيل قدرات استخباراتها على مدى عشرين عامًا لمواجهة التهديدات التي يشكلها البرنامج النووي الإيراني. يشير التقرير إلى قدرة الاستخبارات الإسرائيلية على تنفيذ عمليات معقدة بعد فشلها في 7 أكتوبر 2023، حيث نجحت في توجيه ضربات قوية ضد إيران وحلفائها، مستشهدة بحوادث مثل استهداف رادارات الدفاع في نطنز، ما يعكس مستوى الاختراق الذي تمتاز به عمليات الاستخبارات الإسرائيلية في مواجهة التهديد الإيراني.
تعود خلفية هذا التركيز على العمليات الاستخباراتية إلى قيادة مائير داغان للموساد في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، إذ رأى ضرورة ملحة لمنع القادة الإيرانيين من تطوير سلاح نووي. عملت إسرائيل على سلسلة من التدابير التي تشمل إحباط تحركات إيران لإنتاج القنبلة الذرية، ورغم نجاح تلك الجهود في إبطاء البرنامج النووي الإيراني، إلا أنها أدركت أن ذلك لن يكفي لإقناع إيران بالتخلي عن طموحاتها النووية.
بدلاً من الاعتماد على وسائل تقليدية فقط، بدأت إسرائيل في استخدام الحرب الإلكترونية والتجسس عبر عملاء في الداخل، حيث نجح الموساد في تكوين بنية تحتية للتجسس والإحباط منذ عهد الشاه، معتمدًا على أصحاب الأقليات الذي يسهل تجنيدهم. فقد كان لليهود الإيرانيين الذين هاجروا إلى إسرائيل دور مهم في تنفيذ العديد من العمليات الحساسة ضد إيران.
يوفر التقرير أمثلة عدة عن عمليات نفذها الموساد بين عامي 2007 و2011، مثل انتحار العلماء الإيرانيين في المجال النووي وهجمات إلكترونية على المنشآت النووية. على الرغم من أن بعض الحوادث قد لا يكون لها دليل قاطع في مسؤولية الموساد، إلا أن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية تروج لهذه الأعمال كجزء من سمعتها في كسب الحرب النفسية ضد إيران.
في الوقت نفسه، يعترف المسؤولون في الحرس الثوري الإيراني بأنهم اعتقلوا وعاقبوا عملاء لجأوا إلى الإسرائيليين، مما يعني أن الصراع يمتد إلى الأبعاد النفسية والجسدية. رغم كل الضغوط والتحديات، تبقى الاستراتيجية الإسرائيلية واضحة، كما يشير مسؤول عسكري سابق، حيث تتعاون الاستخبارات الإسرائيلية مع نظرائها الأمريكيين، مثلما حدث عند اغتيال الجنرال قاسم سليماني، ما يعكس التأثير الذي تمتلكه هذه الأجهزة في السياق الإقليمي والدولي.
يتجلى كل ذلك في إطار عام من التوتر والمنافسة الشديدة بين إسرائيل وإيران، حيث تسعى كل منهما لتحقيق تقدّم استراتيجي على الأخرى. بينما تعمل إسرائيل على تعزيز قدراتها الاستخباراتية، تظل إيران مدفوعة بتحدي هذه العمليات، مما ينذر بمزيد من الصراع في المستقبل القريب، في ظل تطلعات إيران النووية المستمرة وصمود إسرائيل في إحباطها لهذه التطلعات.