تسعى الحكومة الإسرائيلية إلى استبدال وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بمشروع جديد تملكه شركة خاصة، تجسد خطوة تتعلق بمستقبل المساعدات الإنسانية في غزة. حسب تقرير لصحيفة “لوتان”، يبدو أن إسرائيل تعد خطة تدمج عناصر خاصة بما في ذلك مرتزقة وتقنيات متقدمة كالتعرف على الوجه. تأتي هذه الخطوة في سياق تصاعد التوترات والمناوشات بين إسرائيل وحماس، حيث تم توجيه أوامر للأونروا بالإنهاء خلال فترة محددة، مما يثير تساؤلات حول القانون الدولي وأثر ذلك على حياة الفلسطينيين.
يقوم المشروع الذي تقدمه شركة “التوصيل العالمية” التي أسسها رجل الأعمال الإسرائيلي الأمريكي مردخاي كاهانا، على استحداث نموذج جديد لتوزيع المساعدات الإنسانية في مناطق النزاع. ولدت فكرة هذه الشركة من تجارب سابقة لكاهانا في مناطق الحرب مثل أفغانستان وسوريا، حيث يصف مشروعه باعتباره شبيهاً بـ”أوبر في مناطق الحرب”، مما يعكس طابعاً تجارياً واحترافياً جديداً لمهمة إنسانية. يُستدعى هذا النموذج الخاص في إطار العجز عن إيصال المساعدات بشكل فعّال من خلال المنظمات التقليدية، ويعد كاهانا أن المشروع سوف يتطلب استثمار كبير يصل إلى 200 مليون دولار.
بالرغم من مساعي كاهانا، فإن تجاربه السابقة في العمل الإنساني تثير العديد من الأسئلة. فقد انخرط في عمليات إنقاذ يهود من دول مثل سوريا، لكن بعض جهوده واجهت عواقب غير متوقعة، مثل محاولة إنقاذ عائلة يهودية في حلب أدت إلى عودة الأسرة إلى سوريا بعد استبعادها الإيراني. وهذا يثير القلق حول فاعلية المشروع الإنساني المقترح في غزة والذي يعتمد على نموذج تجاري وعسكري. تعرفت الجهود على تعاقدات مع شركات مرتزقة، مما يزيد من حجم القلق بخصوص استخدام القوة لتأمين توصيل المساعدات.
يدعو كاهانا إلى استعمال نظام التعرف على الوجه لتحديد الأفراد المخولين بالوصول إلى المساعدات، وخلق بيئة مغلقة تمنع دخول المقاومة الفلسطينية. وحتى الآن، تمثل هذه المشاريع تخوفات من تحول المساعدات الإنسانية إلى أداة للرقابة العسكرية، مما يتعارض مع مبادئ القانون الدولي. هذه الخطوات قد تؤدي إلى تقسيم المجتمع الفلسطيني إلى فئات معزولة، مما ينتج عنه مزيد من التوترات والصراعات في ظل تسجيل تجارب مأسوية سابقة مثل “مذبحة الطحين”.
في الوقت نفسه، يعكس تطور الأحداث رغبة الحكومة الإسرائيلية في تفكيك دور الأونروا كوسيلة لتقديم الدعم وخدمة المجتمع الفلسطيني، وهي تلك الوكالة التي أقامت روابط تاريخية مع السكان. يظهر أن إسرائيل تريد تقليص أي تواجد دولي مرتبط بالقضية الفلسطينية، لكن هذا الخيار لا يَعدُك السلم والمساعدة لسكان غزة بل يُعقد الأمور أكثر عبر احتكار المساعدات وربطها بتوجهات نظام عسكري صارم.
في النهاية، يبقى هذا المقترح موضع جدل ويرفع العديد من القضايا الهامة المتعلقة بالعدالة الإنسانية، السيادة، والسلام في المنطقة. تطرح الخطط الجديدة أسئلة حول كيفية التعامل مع الأزمات الإنسانية، وأهمية توفير الدعم الفعال بدون سلب حقوق الإنسان أو فرض رقابة صارمة. يبدو أن هذه الجهود لن تساهم فقط في تحويل القطاع الأهلي الفلسطيني إلى أداة للرقابة العسكرية، بل قد يؤدي أيضاً إلى تفاقم معاناة المدنيين وتبديد الثقة بين المجتمع الفلسطيني والجهات الدولية.