يشير استخدام الجيش الأميركي لقاذفات الشبح في تنفيذ ضربات داخل اليمن إلى أن هذه التحركات تحمل في طياتها رسالة واضحة لنظام طهران، حسب صحيفة لوتان السويسرية. تتميز قاذفات “بي-2” بأنها لم تُستخدم في مهام نوعية منذ سبع سنوات، وكانت آخر مرّة استخدمها فيها الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما في نهاية ولايته ضد تنظيم “قاعدة جهادية” في ليبيا. ومنذ ذلك الحين، ظلت هذه القاذفات العملاقة، الأغلى في تاريخ الطيران الأمريكي، محصورة داخل مستودعاتها في ولاية ميسوري باستثناء بعض الاستخدامات التجريبية والعروض الحركية في شمال أوروبا.

استخدمت تلك القاذفات مؤخرًا في اليمن لقصف منشآت ومستودعات أسلحة تابعة للحوثيين. وقد قدمت القيادة العسكرية الأمريكية هذا العمل كجزء من استراتيجية لإضعاف قدرة الحوثيين على تنفيذ هجمات تهدد الملاحة البحرية، خاصة في البحر الأحمر. يُعتبر الحوثيون جزءاً من “محور المقاومة” الذي يتشكل ضد إسرائيل، وقد أثروا سلبًا على حركة النقل في مضيق باب المندب، إذ انخفض عدد الناقلات بشكل ملحوظ هذا العام مقارنة بالعام السابق، وفقًا للبيانات الرسمية.

ومع أن الهدف المباشر للقصف كان إضعاف الحوثيين، إلا أن الرسالة التي تحملها هذه الضربات تتجاوز ذلك. حيث يعكس إطلاق القاذفات الشبح في سماء صنعاء وصعدة اتجاهاً أكثر تعقيداً في السياسة الأمريكية تجاه إيران، وفقًا لوجهات نظر المراقبين. ففي هذا السياق، اعتبر وزير الدفاع الأمريكي أن الغارات النوعية تشير إلى القدرة الأمريكية على استهداف المنشآت المحصنة، معترفًا بأن هذا النموذج يظهر “طول يد” الولايات المتحدة وقدرتها على التدخل في أي مكان وزمان.

أيضاً، تزامنت هذه الضربات مع تصريحات للرئيس جو بايدن، التي فسرها البعض على أنها إشارة لمناقشة خيارات عسكرية ضد إيران. وذلك يأتي في الوقت الذي تظهر فيه تقارير حديثة عن قدرات القاذفات الشبح “بي-2” في تدمير المنشآت النووية الإسرائيلية والتي تعتبر تهديداً خطيراً على الأمن الإقليمي. يُلاحظ أن القاذفات مُجهزة للاستخدام مع قنابل متخصصة مضادة للتحصينات، وهذا يؤشر على أهداف عسكرية تتجاوز الوضع الحالي في اليمن.

مع ذلك، يكشف استخدام القوة العسكرية الأمريكية في اليمن عن تعقيدات أكبر للأزمة الإنسانية المستمرة في هذا البلد، حيث يعاني ملايين اليمنيين من نقص حاد في المساعدات الإنسانية. المناطق الأكثر تضرراً من العملية العسكرية الأمريكية تذهب إلى عواقب وخيمة، حيث يذهب نحو 18 مليون يمني إلى المساعدات الخارجية للبقاء على قيد الحياة. وتثير تلك العمليات القلق من أن اليمن يتحول إلى ساحة لاستعراض القوة أمام إيران، مما يزيد من تفاقم معاناة المدنيين.

تشير التصريحات من مسؤولي الأمم المتحدة إلى قلق متزايد من تأثير هذه الضربات العسكرية على إمكانية تقديم المساعدات للسكان المتضررين. يعكس التركيز على قضايا الأمن الدولي والصراعات الإقليمية أحياناً إغفال واقع حياة المواطنين العاديين، الذين يواجهون ظروفاً إنسانية متدهورة. الرسائل السياسية التي يتم تبادلها عبر العمليات العسكرية يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار في سياق الأبعاد الإنسانية، حيث أن المدنيين غالباً ما يكونون الضحية للأزمات المستمرة والمتعددة.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version