تشهد الانتخابات الرئاسية المقبلة في الولايات المتحدة حالة من الانقسام بين الناخبين الأميركيين من أصول عربية وإسلامية، حيث عمدت اللجنة العربية الأميركية للعمل السياسي “آباك” في ولاية ميشيغان إلى عدم دعم أي من المرشحين الرئيسيين، وهما الديمقراطية كامالا هاريس والجمهوري دونالد ترامب. وأعربت اللجنة عن عدم استعدادها للاختيار بين “أهون الشرين”، مشيرة إلى موقف المرشحين من القضايا العربية، مثل الإبادة الجماعية في غزة والحرب في لبنان. يُعتبر هذا القرار غير مسبوق منذ تأسيس اللجنة، حيث كانت في الماضي تدعم مرشحين ديمقراطيين مثل جو بايدن وهيلاري كلينتون. وتأتي هذه التطورات في وقت يتضمن فيه الصراع الراهن على غزة تأثيرات كبيرة على الدعم التاريخي للعرب الأميركيين نحو الحزب الديمقراطي، مما يعكس درجة الاستياء العام من السياسات الحكومية الحالية.

تشير الاستطلاعات إلى تحول ملحوظ في دعم العرب الأميركيين، حيث أظهر استطلاع حديث أن 46% من الناخبين يفضلون ترامب، بينما حصلت هاريس على 42% فقط. كما تبين أن 12% من المشاركين يعتزمون التصويت لحزب ثالث، مما يعكس تغذية فكرة انقسام ناخبي العرب والمسلمين. كانت الحملتان الانتخابيتان مقتنعتين بأهمية كسب هذا الجمهور، مع تكثيف جهود التواصل ومنح اهتمام خاص لشؤونهم. محاولة هاريس التواصل مع العرب الأميركيين قابلها جهود من حملة ترامب بتركيز على المناقشات النابعة من قضايا جذرية مؤثرة في أذهان الناخبين.

وفي الوقت نفسه، تمارس حركة “غير الملتزمين” ضغوطًا على أعضائها للامتناع عن دعم هاريس بينما مكثت على التشديد على بعد دعم ترامب. من جهتها، قامت “إمغيج باك” بدعم هاريس، مما يعكس تشتت الآراء داخل المجتمع العربي الأميركي. نشهد تزايدًا في حماس مرشحة حزب الخضر جيل ستاين، التي تروج لنفسها كمضادة لممارسات هاريس. الأمر الذي يعكس بدوره عزم الناخبين العرب والمسلمين على إيجاد بدائل تتماشى مع رؤاهم وأولوياتهم.

تدعم مجموعة من الناشطين العرب فكرة التصويت لصالح ستاين، مما قد يساعد في التأثير السلبي على هاريس. يعد هذا الموقف متناقضاً مع نسبة كبيرة من العرب الأميركيين الذين صوّتوا للديمقراطيين في انتخابات 2020، مما يعكس التحول المستجد في هذا الكيان الانتخابي. عمدة مدينة هامترامك، وهو من أصول يمنية، أعلن دعم ترامب، بينما تشير آراء بعض الأكاديميين إلى أن الدعم الواضح لإسرائيل من إدارة بايدن يؤثر سلبًا مع كل من التقدميين والشباب، الذين يشعرون بخيبة أمل كبيرة.

يظهر الاستطلاع الحالي في سباق الانتخابات 2024 أن المنافسة اشتدت، حيث يتقاسم كل من هاريس وترامب تقييمات قريبة من 48% لكل منهما. هذه الديناميكية تضفي أهمية متزايدة لكل صوت، خصوصاً في ظل وجود كتل انتخابية صغيرة مثل تلك الخاصة بالعرب الأميركيين، التي يمكن أن تلعب دورًا حاسمًا في تحديد مخرجات الانتخابات في ولايات متأرجحة. تحاول بعض الأصوات العربية، خلال حديثها، التأكيد على أهمية الارتقاء بالمشاركة الانتخابية، مادامت السياسة الأميركية تهيمن عليها ثنائية الحزبين.

بعض الناخبين الأميركيين من أصول عربية يرون أن خيار “عدم التصويت” أو دعم مرشح ثالث قد يكون هو الطريق الأنسب، كونه يعكس حالة من الإحباط إزاء الواقع السياسي الأميركي الحالي. إذ يؤكد البعض على أن هذه الخيارات السيئة قد تكون نتيجة طبيعية لنظام سياسي محدود تأثرت آلياته بتجارب تاريخية. في هذا السياق، ليؤكد أحد الناخبين على أن المشاركة النشطة فرصة لتحفيز الآخرين للتصويت ضد مناصري السياسات المعادية لأمن العرب، وهي دعوة تأمل في تمكين المجتمع من الوصول إلى قوة تأثيره الانتخابي.

في النهاية، تبقى التحديات قائماً أمام الناخبين العرب والمسلمين حيال اتخاذ قرار مصيري فيما يتعلق بالانتخابات، وسط تباين الآراء والخيارات المتاحة. انقسام الأصوات داخل هذا الخارطة الانتخابية قد يؤثر على الوزن الانتخابي للعرب الأميركيين في الولايات المتأرجحة، مما يجعل من الضروري تعزيز أي موقف يطالب بالعدالة ورفض دعم السياسات التي تؤدي إلى معاناة الأبرياء في دولهم الأصلية. إذًا، يأتي الحال الراهن ليؤكد على أهمية التنسيق بين الناخبين وتعزيز المبادرات الداعمة لقضاياهم في ظل واقع انتخابي معقد يتطلب أكثر من مجرد خيارات مبنية على الدعم الحزبي التقليدي.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.