خلال أقل من 10 أيام، تعرض منزل شهلة حماد في بلدة سلواد للمداهمة مرتين من قبل القوات الإسرائيلية التي قامت بتفتيشه وتدمير كامل محتوياته.

وقد تسلل جنود الاحتلال -الذين لم ينتظروا حتى تفتح العائلة الباب- من شرفة غرفة النوم، وخربوا وحطموا بشكل متعمد كل ما وصلت له أيديهم في شقتي حماد وابنها بالطابق السفلي، حتى ألعاب طفليه عبد الرحمن ومحمد طحنوها ببساطيرهم (أحذيتهم العسكرية).

وتقول شهلة للجزيرة “في المرة الثانية عندما اقتحموا البيت حاولت الاعتراض، وقلت لهم لقد خربتم سابقا كل شيء، فصوبوا البندقية نحوي على الفور وهددوني”.

من آثار تخريب جنود الاحتلال منزل عائلة حماد (الجزيرة)

تخريب وترهيب

في المرتين جمع الجنود شهلة وأبناءها وأحفادها في ساحة المنزل، ولم يسمحوا لهم بالتحرك طول فترة وجودهم في المنزل، ثم قاموا بتصويرهم بشكل فردي، مع تهديد دائم لهم.

وفي المرة الأولى جاء اقتحام بيت حماد مع منزلين قريبين في نفس المنطقة من بلدة سلواد الواقعة إلى الشرق من مدينة رام الله، ولكن في الثانية كان الاقتحام ضمن حوالي 30 بيتا، ولكن ما كان مشتركا هو شكل الاقتحامات ونتيجتها من تخريب وترهيب لبيوت العائلات دون هدف واضح للمداهمة.

وفي الفترة الأخيرة، بات أغلب مداهمات القوات الإسرائيلية للمنازل في البلدات الفلسطينية بشكل جماعي للترهيب وليس فقط بهدف اعتقال أو تهديد أسر المعتقلين كما هي الغاية طوال سنوات الاحتلال، كما تقول الناطقة باسم نادي الأسير الفلسطيني أماني سراحنة.

وتوضح أماني التي تقوم بتوثيق حالات الاقتحامات اليومية أن “مداهمة المنازل كانت لتهديدات عائلات المطاردين أو للاعتقال، لكن في الفترة الأخيرة معظم الاعتقالات التي نرصدها لا ينتج عنها شيء سوى ترهيب السكان وتخويفهم”.

وهذه الفترة التي تتحدث عنها أماني هي الأشهر الأخيرة من الحرب على قطاع غزة، مع ارتفاع وتيرتها بعد إعلان وقف إطلاق النار منتصف يناير/كانون الثاني الماضي.

وترى أن الهدف من هذه الممارسات هو الترهيب سواء للعائلات بحد ذاتها، أو المنطقة كما هو الحال في المناطق المقامة حولها مستوطنات أو بالقرب من الجدار العازل ومناطق الاحتكاك مع القوات الإسرائيلية.

اقتحامات يومية

ووفق الناطقة باسم نادي الأسير الفلسطيني، زادت هذه الحملات ضد أهالي الأسرى والأسرى المحررين بالصفقة الأخيرة، حيث رصدوا مداهمة وتخريبا لمعظم منازل عائلات الأسرى وتحديدا الذين أبعدوا للخارج.

ومن المناطق التي زادت فيها هذه الحملات -حسب رصد نادي الأسير- مخيمات اللاجئين وتحديدا جنوبي الضفة مثل الفوار والدهيشة والعروب والتي تتعرض لحملات مداهمة يومية “بلا أي سبب، وفي بعض الأحيان تتم مداهمة المخيم والمنازل نفسها أكثر من مرة في اليوم، وكأن الاحتلال يبعث رسالة للسكان أنكم لستم أكثر أمنا من مخيمات الشمال التي تتعرض لحملات عسكرية مباشرة”.

وتعد بلدة كفر نعمة واحدة من هذه التجمعات السكانية التي تتعرض لاقتحامات يومية، وفي أكثر من مرة رافقتها مداهمات بالجملة لمنازل الفلسطينيين بالبلدة التي تتوسط مجموعة من القرى الواقعة غربي رام الله وتُعتبر طريقا لهم.

وكانت آخر هذه المداهمات منتصف فبراير/شباط الماضي، حيث اقتحمت خلالها القوات الإسرائيلية 30 منزلا في البلدة وقامت بتخريبها وتحطيم محتوياتها، كما يقول رئيس مجلس البلدة رأفت خليفة.

وأوضح رئيس البلدة “كل مرة يتم اقتحام 30 إلى 50 بيتا مرة واحدة، وأكثر من ثلث منازل القرية تضررت بفعل هذه الاقتحامات”.

ويرى أن الاحتلال يسعى من خلال هذه الاقتحامات إلى ترهيب سكان البلدة البالغ عددهم حوالي 4 آلاف فلسطيني، واستباحة كل شيء فيها، ليس فقط البيوت وإنما الشوارع والحارات، حيث توجد قوات الاحتلال في البلدة يوميا.

حالة ردع

وتختلف أشكال هذه الاقتحامات من مكان إلى آخر، فبعضها يأخذ منحى التمركز الدائم في القرية لساعات طويلة، بحيث تقوم قوات كبيرة جدا من جيش الاحتلال بالمداهمة واقتحام منازل بالجملة واحتجاز السكان بشكل جماعي والإفراج عنهم بعد ساعات، كما حصل في قرية عزون مؤخرا.

وبعض المداهمات الأخرى تأخذ شكل المداهمات الليلية العادية التي تستمر من 1-3 ساعات حيث تقوم القوات الإسرائيلية بمداهمة المنازل والمكوث فيها وتخريبها كما هو الحال في منازل كفر نعمة.

ويحلل عصام العاروري (المدير العام لمركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان) هذه الممارسات قائلا إنها تقع في خانتي الترهيب والتدريب، حيث تأخذ أشكالا متعددة من استباحة المنازل والشوارع والمناطق العامة. وتابع “تحولت الحملات الأمنية لسياسة هدفها الترويع وإيجاد حالة من الردع لدى الفلسطينيين”.

ووفقا له، فإن جزءا من هذه الحملات له أهداف تدريبية، وخاصة في ظل تدريب وحدات من الجنود الإسرائيليين الجدد على الاقتحامات والتفتيش واستجواب الفلسطينيين في أماكن وتجمعات متفاوتة الخطورة بحسب تصنيف الاحتلال.

وبحسب العاروري، هناك تحول في تعامل هؤلاء الجنود مع الفلسطينيين خلال هذه الاقتحامات “حيث نلاحظ إطلاق أيدي الجنود دون محاسبة ولا مساءلة لأي عمل يرتكبونه، من حالات السرقة، والضرب المبرح، والتخريب غير المبرر”.

والأهم من ذلك -كما يضيف- أنها ليست مجرد جرائم فردية يقوم بها الجنود الإسرائيليون، وإنما تعبر عن منهجية في إطار عمل عدواني منظم وموجه ومخطط له، ليكون إحدى أدوات تهجير الفلسطينيين “فالمواطن الذي يجد نفسه في منطقة تزداد فيها هذه الممارسات قد يفكر في الرحيل الطوعي”.

شاركها.
© 2025 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version