يتحدث الناشط والموثق المقدسي رمزي العباسي عن تجربته الشخصية بعد إبعاده عن المسجد الأقصى عقب الإفراج عنه من السجون الإسرائيلية. وقد أُبعد العباسي لمدة أربعة أشهر، مضى منها نحو ثلاثة أشهر حتى الآن، كما لا يستبعد إمكانية تجديد هذا الأمر لفترات أطول. يعكس حديثه الأبعاد النفسية والروحية التي تتأثر بها مدينة القدس، خصوصًا مع التوجهات المستمرة للاحتلال الإسرائيلي تجاه منع الفلسطينيين من الوصول إلى مقدساتهم.
يشير العباسي إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يتبنى سياسة إبعاد الشباب عن المسجد الأقصى كجزء من استراتيجيته الأوسع للسيطرة على المدينة. يعتبر العباسي أن الهدف من هذه السياسات هو “إبعاد النَفَس المقدسي” عن المسجد الأقصى، مما يتيح المجال للمستوطنين للقيام بأنشطتهم الخاصة وتثبيت شكل من أشكال التقسيم الزماني والمكاني في الأماكن المقدسة. ويعكس ذلك محاولة تغيير الواقع الديمغرافي في المدينة.
كما يذكر العباسي أن الإبعادات لا تقتصر على فئة الشباب فقط، بل تشمل أيضًا عددًا من الفتيات والأمهات والشيوخ، مما يعكس مدى شمولية هذه السياسات. يتحدث عن استهدافاته المستمرة، ويرى أن هذه الاجراءات تهدف إلى إفراغ المسجد الأقصى من الوجود الفلسطيني، لتسهيل تنفيذ المخططات الصهيونية الرامية إلى تعزيز السيطرة على المنطقة. ويعتبر ذلك تهديداً مباشراً للهوية الفلسطينية وأهدافهم الدينية.
ومن الواضح أن هذه الإبعادات ترتبط بشكل وثيق بالمناسبات الدينية اليهودية، حيث تم إجراء العديد من الإبعادات في هذه الفترات، مما يدل على استغلال الاحتلال لتلك المناسبات لتعزيز وجودهم. يشير العباسي إلى ما يسمى بـ “الإبعادات الاحترازية”، والتي تستهدف دائمًا العديد من المقدسيين في تلك الأوقات، وهذا يتطلب توثيقًا مستمرًا وفهمًا عميقًا لهذه السياسات.
ولا توجد إحصاءات دقيقة حول عدد المبعدين عن المسجد الأقصى، إلا أن المعطيات المتاحة من محافظة القدس تشير إلى توثيق 19 قرارًا بالإبعاد، منها 13 قراراً في شهر أغسطس/آب وحده. تعكس هذه الأرقام حجم المشكلة وآثارها السلبية على المجتمع المقدسي، مما يستدعي تكاتف الجهود الفلسطينية والدولية للحد من هذه السياسات.
في النهاية، يمكن القول إن ما يتعرض له الناشطون المقدسيون من إبعاد عن المسجد الأقصى ليس مجرد قضية فردية، بل هو جزء من استراتيجية احتلالية واسعة النطاق تهدف إلى إضعاف الوجود الفلسطيني في القدس. ولذلك يحتاج المجتمع الفلسطيني إلى مزيد من الدعم والتضامن للتصدي لهذه الانتهاكات، حيث أن الدفاع عن المسجد الأقصى يعتبر جزءًا لا يتجزأ من الهوية الفلسطينية.