كان من المتوقع أن تكون زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى أنغولا في 13 أكتوبر/تشرين الأول ذات أهمية تاريخية، إذ كانت أول زيارة له إلى إفريقيا أثناء فترة ولايته. لكن الزيارة تأجلت بسبب إعصار ميلتون في فلوريدا. وكان من المقرر أن تسبقها زيارة إلى ألمانيا للتباحث مع الزعماء الأوروبيين حول حرب أوكرانيا. تمثل الزيارة فرصة لتجديد الالتزامات الأمريكية تجاه إفريقيا، خاصةً مع تنامي التأثير الصيني والروسي في القارة، لكن تأجيلها أثار تساؤلات حول مدى جدية بايدن في تعزيز العلاقات مع أفريقيا.

انتقد الكثيرون إدارة بايدن بسبب افتقارها إلى الدبلوماسية النشطة تجاه إفريقيا، وهي قضية طويلة الأمد. فمنذ توليه الرئاسة، لم يزر بايدن إفريقيا، في حين قام برحلات متعددة إلى أوروبا والشرق الأوسط وآسيا. يعكس هذا الافتقار إلى الحضور إهمالًا متزايدًا في ظل التحديات الإقليمية مثل النزاعات والمساعدات الإنسانية، بينما واصلت روسيا والصين توسيع نفوذهما في القارة التي تضم موارد طبيعية غنية ونموًا سكانيًا معتبراً.

وتجدر الإشارة إلى أن بايدن وعد في قمة القادة الأمريكيين الأفارقة عام 2022 بإعطاء الأولوية لأفريقيا ودعمها عبر تعهدات مالية تصل إلى 55 مليار دولار. ورغم وجود بعض النجاحات، مثل الاعتراف بالاتحاد الأفريقي كعضو دائم في مجموعة العشرين، لكن حتى بعد ذلك، لم تتحقق معظم الوعود، حيث انتقد الخبراء إدارة بايدن لعدم وجود استراتيجية واضحة تجاه القارة حتى وقت متأخر.

من الناحية الاقتصادية، تتطلع الولايات المتحدة إلى تعزيز العلاقات مع أنغولا، التي تعد شريكًا رئيسيًا بسبب مواقعها الغنية بالموارد. ومع ذلك، توجد مشاكل محلية مثل الفساد والحرمان من الحقوق الإنسانية، مما يجعل الشراكة مع أنغولا مثيرة للجدل. وفي خضم دعم الولايات المتحدة للحكومة الأنغولية، تزايدت الاحتجاجات المحلية بسبب الظروف الاقتصادية المعقدة، مما يعكس التوتر بين المصالح الأمريكية والحاجة إلى دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان.

اكتسبت العلاقات بين الولايات المتحدة وأنغولا طابعًا معقدًا، حيث يعتقد بعض الأنغوليين أن التقارب مع بايدن يعزز من موقف الحكومة التي تعاني مشكلات داخلية. وعلى الرغم من أن البيت الأبيض يعتبر أنغولا حليفًا قويًا، إلا أن شعور بالإحباط والقلق من تجاهل القضايا المحلية يتزايد في أوساط الشعب الأنغولي. هذا الأمر يطرح تساؤلات حول ما إذا كان التحالف مع بايدن سيستمر.

ختامًا، فإن سعي بايدن لتعزيز العلاقات مع إفريقيا، لا سيما مع أنغولا، قد ينتهي بإرث مختلط. فبينما يسعى لتعزيز مكانة الولايات المتحدة تنافسياً مع الصين وروسيا، فإن آماله قد تتلاشى إذا لم يتمكن من تحقيق التطورات على الأرض. ومع انتهاء فترة ولايته، ستظل الوعود غير المسجلة وصمة عار، وستضعه تحت ضغط لمواجهة الفجوة بين التوقعات والممارسات الدبلوماسية.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.