بدأت روسيا بوضع اللمسات النهائية على قرار يمهد لشطب حركة طالبان الأفغانية من قائمة المنظمات الإرهابية، وفقًا لتصريحات الممثل الخاص للرئيس الروسي إلى أفغانستان، زامير كابولوف. تأتي هذه الخطوة في إطار جهود روسيا لتوسيع نفوذها السياسي والاقتصادي في منطقة آسيا الوسطى عبر إقامة علاقات دبلوماسية مع كابل. وأكد كابولوف أن القرار تم اتخاذه على أعلى المستويات، لكنه يحتاج إلى إكمال الإجراءات القانونية اللازمة. وقد تم الإعلان الأولي عن استبعاد طالبان من القائمة الروسية خلال اجتماع لمجلس مدراء أجهزة الأمن والمخابرات في رابطة الدول المستقلة، حيث أفاد مدير الاستخبارات الروسية، ألكسندر بورتنيكوف، أن طالبان أبدت استعدادها لمواجهة تنظيم ولاية خراسان.

للإزالة المحتملة لعقبات اعتراف روسيا بحكومة طالبان، أفادت وزارتا الخارجية والعدل الروسيتان الرئيس بوتين قبل نحو ستة أشهر. وذلك بعد تصريحات الحكومة الأفغانية الجديدة، التي عبرت عن رغبتها في تعزيز العلاقات مع روسيا وإزالة العقبات القائمة. في الوقت الحالي، تضم القائمة الروسية 50 منظمة تصنف كإرهابية، بالإضافة إلى 108 أخرى مدرجة كمنظمات متطرفة. وكانت طالبان من أوائل الجماعات التي أدرجت في هذه القائمة عام 2003. ولم تعترف أي دولة بعد رسميًا بنظام طالبان كحكومة شرعية منذ استيلائها على السلطة في أغسطس 2021.

تشير تحليلات الخبراء إلى أن الموقف المناهض للغرب الذي تتبناه حكومة طالبان يتماشى مع أولويات السياسة الخارجية الروسية. وبينما تعتبر روسيا أنها تتصرف بحذر، نوه محلل الشؤون الدولية سيرغي بيرسانوف إلى أن البلدان المجاورة مثل كازاخستان وأوزبكستان وطاجيكستان قد أبدت مواقف مشابهة تجاه طالبان. وفي هذا السياق، هناك أهمية جادة لاستعادة علاقات حسن الجوار مع أفغانستان، خاصة في ظل رؤية بعض القوى الغربية لإعادة تشكيل الدول وفق مصلحتها. كما يناقش بيرسانوف النقاط المركزية للخطوة الروسية، سواء من حيث حماية المصالح الأمنية لروسيا وآسيا الوسطى أو تشكيل تحالفات لحل القضية الأفغانية أو الحد من الوجود الغربي في المنطقة.

بجانب الاعتبارات السياسية والأمنية، يعتبر الجانب الاقتصادي جزءًا هامًا من محاولات روسيا لتطبيع العلاقات مع أفغانستان، كما أشار الخبير الاقتصادي أيغور بيلسكي. يعتبر بيلسكي أن لدى روسيا مصلحة جادة في تعزيز التعاون الاقتصادي مع أفغانستان، حيث أصبحت الأخيرة جزءًا من شبكة العلاقات الدولية في آسيا الوسطى. كما يبرز اهتمام الصين بأفغانستان وسعيها نحو تنمية العلاقات مع الحكومة الأفغانية وهو ما يجب على روسيا مواكبته. يتحدث أيضًا عن إمكانيات غنية في أفغانستان، خاصة في مجالات النفط والغاز والموارد المعدنية، مما يفتح آفاقًا للتعاون والتنمية المشتركة بين الدولتين.

تأمل روسيا أن يعزز الوضع الجديد لطالبان من فرص الشركات الروسية للعمل في أفغانستان بدون مضايقات قانونية، مما يتيح إمكانية تنفيذ مشاريع اقتصادية مستقبلية كإنشاء ممرات نقل دولية وخطوط سكك حديد ومشاريع خطوط أنابيب الغاز. يعتبر الخبير بيلسكي أن هذه المشاريع يمكن أن تجعل من أفغانستان طرفًا رئيسيًا في مبادرات اقتصادية مهمة، مما يعكس حجم الفرص التي تنتظر الطرفين في ظل هذا التطور. وبذلك، فإن الخطوة الروسية نحو طالبان لن تقتصر على الجانب الدبلوماسي فقط، بل تمتد لتشمل السير نحو تكامل اقتصادي يخدم مصالح الطرفين.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.