تحتفظ مدينة هامترامك في ولاية ميشيغان، شمال شرق الولايات المتحدة، برمزية خاصة للمجتمع السياسي المسلم في أميركا، إذ أصبحت في عام 2021 أول مدينة أميركية يشغل مجلس حكومتها وعمدتها بالكامل مسلمون. يسكن المدينة نحو 28 ألف نسمة، مما يجعل نسبة المسلمين، الذين يتألفون من أصول عربية وآسيوية، تقترب من 52% من مجموع السكان. يتميز العمدة عامر غالب، وهو من أصول يمنية، بكونه المسلم الوحيد في هذا المنصب على مستوى الولايات المتحدة، ويمثل جزءا من التحولات السياسية التي شهدتها الجاليات العربية والمسلمة، التي بدأت بالابتعاد عن الحزب الديمقراطي، الذي ينتمي له، وتبني مواقف سياسية مستقلة.

في تصريحاته السياسية، قام عامر غالب بتمرد على الحزب الذي ينتمي إليه، معلنًا دعمه للرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب، حيث أشار في سبتمبر/أيلول 2023 إلى أمله بأن يصبح ترامب الرئيس المقبل للولايات المتحدة. هذا الموقف يعكس التغييرات الجوهرية في توجهات الناخبين المسلمين في الولايات المتحدة، حيث أظهر استطلاع للرأي أجرته منظمة “كير” أن عددًا من المسلمين في ميشيغان يؤيدون ترامب بصفة أكبر من تأييدهم لمرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس. أغلب المسلمين اتجهوا لمنح أصواتهم لمرشحين آخرين بدلاً من التصويت لأحد الحزبين الرئيسيين.

توجهات الناخبين المسلمين في الانتخابات الأميركية الأخيرة تعكس حالة من الانقسام والتمرد على الخيارات السياسية التقليدية. بعض الجاليات قررت عدم التصويت نهائيًا، بينما اتجه البعض الآخر إلى دعم مرشحين مستقلين مثل جيل ستاين. هنالك أيضًا من يرى ضرورة معاقبة الحزب الديمقراطي بسبب مواقفه من النزاع في غزة، ما أثر بشكل كبير على عملية التصويت، وأشار المراقبون إلى أن الأصوات المسلمين فقدت ثقلها الذي كان مُلاحظًا في الانتخابات الماضية.

على مستوى الإحصائيات، يبلغ عدد المسلمين في الولايات المتحدة نحو 4 ملايين نسمة، مع كتلة ناخبة تصل إلى 2.5 مليون ناخب. الا أن تأثيرهم لا يظهر بشكل فعال إلا في بعض الولايات مثل ميشيغان وإلينوي. كما اتفقت عدة منظمات عربية وإسلامية على تكثيف الرفض لمرشحي الحزب الديمقراطي نتيجة لمواقفهم من قضايا الشرق الأوسط، ومع ذلك، فإن الحملات الانتخابية شهدت تغييرات جذريّة، خاصة بعد زيارة ترامب المتكررة إلى ميشيغان وعدد من الولايات المهمة.

الانتخابات الحالية تُعد مميزة لأنها شهدت انفتاحًا أكبر للصوت العربي والمسلم مقارنة بالانتخابات السابقة، إذ لم يكن هذا الصوت يُعطى هذا الاهتمام في الماضي، ما يشير إلى تطور إيجابي للجالية العربية والمسلمة في الحياة السياسية الأميركية. يُعتبر هذا بمثابة تحذير للحزب الديمقراطي ليعيد النظر في استراتيجيته تجاه هذه الجاليات ليضمن دعمها في المستقبل.

قضايا السياسة المحلية والعالمية لها تأثير كبير على توجه الناخبين المسلمين. في السنوات الأخيرة، العديد من الأسر المسلمة، وخصوصًا في الولايات التي شهدت صراعات سياسية، اتجهت لدعم مرشحي الحزب الجمهوري، كنوع من رد الفعل على سياسات الحزب الديمقراطي، بما في ذلك مضامين التعليم المتعلقة بالنوع والشذوذ. في الوقت نفسه، يشير المراقبون إلى أن إدارة ترامب كانت بارزة في تجاهل قضايا الدول العربية والإسلامية، مما شكل نقطة تحول في وجهة نظر الناخبين المسلمين. الانتخابات الأخيرة أسفرت عن فوز ترامب، الذي سيؤدي اليمين الدستورية في 20 يناير المقبل، ليبدأ بذلك فترة رئاسية جديدة.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.