منذ عام 2013، نفذت إسرائيل سلسلة من الهجمات الجوية على الأراضي السورية في مسعى منها لاستهداف الوجود الإيراني الذي اتسع وظهر جليًا بسبب دعم طهران للنظام السوري. هذا التصعيد جاء في ظل صراع بين النظام والمجموعات المعارضة المدعومة دوليًا. يشير تحليل لهجمات إسرائيل إلى أن وتيرتها تشهد تقلبات، حيث تراجعت في عام 2022 بينما تصاعدت منذ أكتوبر 2023 مع بدء عملية “طوفان الأقصى” وما تبعها من تصعيدات في غزة ولبنان، بالإضافة إلى تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل، الذي امتد أيضًا إلى الأراضي السورية.

تُبرر إسرائيل هجماتها ضد إيران في سوريا من خلال الحديث عن نشاط الحرس الثوري الإيراني الهادف لنقل الأسلحة إلى حزب الله. غالبًا ما تستهدف الضربات الإسرائيلية شحنات السلاح أو مراكز أبحاث تُستخدم لتطوير الأسلحة، مثل مركز البحوث العلمية في جمرايا ومصياف. منذ عام 2013، ارتفعت تحذيرات الخبراء الإسرائيليين، مثل يعكوف عميدرور، الذي دعا الحكومة لمنع تسليح حزب الله، محذراً من العواقب المحتملة لتصاعد النشاط الإيراني. في الوقت ذاته، استخدم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هذه التحذيرات خلال حديثه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، معبرًا عن مخاوفه من استخدام إيران للأراضي السورية كقاعدة عمليات ضد إسرائيل.

حملت المؤسسات العسكرية في إسرائيل مصطلح “المعركة بين الحروب” لتعبر عن استراتيجيتها في التصدي للنفوذ الإيراني. تُفهم هذه الاستراتيجية كعمليات استباقية تستند إلى معلومات استخباراتية تهدف إلى تقليل التهديدات دون الدخول في حرب شاملة. نجاح هذه الاستراتيجية يتطلب إضعاف خصوم إسرائيل ومنعهم من تنفيذ تهديداتهم، مما يوفر أرضية ملائمة لوضعية أفضل إذا ما اندلعت حرب فعلية. في تصريحات الجيش الإسرائيلي، تم تنفيذ 400 غارة جوية على سوريا منذ عام 2017، بينما كانت الغارات خلال الفترة بين 2013 و2017 ذات وتيرة منخفضة.

بعد عملية “طوفان الأقصى”، اتسع نطاق تصعيد الضغوط بين إسرائيل وإيران، مما أدى إلى زيادة حادة في الغارات الجوية الإسرائيلية، حيث تم تنفيذ أكثر من 100 هجوم على سوريا في أقل من عام. هذه الغارات أصبحت تشمل أهدافًا جديدة لم تُستهدف من قبل، مثل المربع الأمني في دمشق، مما يعكس تغييرًا واضحًا في الاستهداف من مستودعات الأسلحة إلى مواقع أكثر حساسية للحصول على خسائر في الأرواح، خاصة بين الجنود الإيرانيين.

من أبرز الهجمات كانت قصف القنصلية الإيرانية في دمشق والذي أسفر عن مقتل قيادات إيرانية، ما أدى إلى ردود فعل متبادلة بين الطرفين. هجمات أخرى استهدفت مراكز أبحاث وتحقيق خسائر مباشرة في صفوف الحرس الثوري الإيراني، مما يعكس تحولًا استراتيجيًا في عمليات إسرائيل الخارجية. في أكتوبر 2023، دُمّرت مخازن أسلحة تابعة لحزب الله قرب قاعدة حميميم الروسية، مما يُظهر التنسيق الروسي الإسرائيلي المتوتر في المنطقة في ظل الظروف الحالية.

عمليات الاغتيال الدقيقة استمرت بشكل متزايد، حيث استهدفت قيادات حزب الله في مقاطعة المزة بدمشق، في إطار تصعيد واضح استعدادًا لحملة عسكرية ضد لبنان. تزامن ذلك مع تقارير عن نقل أسلحة من سوريا إلى حزب الله عبر منطقة البقاع اللبنانية، مما يعكس تطورًا استراتيجيًا في الهجمات الإسرائيلية، التي انتقلت من مجرد عمليات ردع إلى هجمات تهدف لتحقيق تأثير أكبر في سياق الأعمال العسكرية بشكل عام.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version