قال الخبير بالشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى إن إسرائيل قد خفضت من سقف أهدافها العسكرية على الجبهة الشمالية مع لبنان، مشيراً إلى أن الرد الإسرائيلي على إيران سيحدد مدى قدرتها على فرض تغيير إستراتيجي على الوضع في المنطقة. وقد أوضح أن التركيز الإسرائيلي الحالي ينصب على تفكيك بنية حزب الله في المناطق الحدودية المتاخمة، وذلك بهدف منع الحزب من تنفيذ أي هجوم ضد إسرائيل وتأمين عودة المستوطنين إلى شمال البلاد. تأتي هذه الخطوات في ظل تزايد التوترات والتهديدات الإقليمية، مما يدفع تل أبيب إلى اتخاذ قرارات تتسم بالتحفظ.
وأشار مصطفى إلى أن الأسباب وراء هذا التوجه تعود إلى عدم قدرة إسرائيل على تحقيق أهدافها العالية المتمثلة في نزع سلاح حزب الله بشكل كامل وإبعاده إلى شمال نهر الليطاني، الذي يمتد بطول 170 كيلومتراً، مما يزيد من تعقيد الأمور على الجبهة الشمالية. يعتبر هذا التحدي المعقد أحد العوامل التي تجعل إسرائيل تعيد تقييم استراتيجياتها العسكرية، لا سيما بعد الهجوم الصاروخي الإيراني والخسائر البشرية التي تعرض لها الجيش الإسرائيلي في الفترة الأخيرة.
وعلى الرغم من هذه الضغوطات، أشار مصطفى إلى أن تل أبيب قد ترفع من سقف أهدافها مستقبلاً إذ تمكّنت من تحقيق أهدافها الأولية. إلا أنه لا يمكن إنكار الصعوبة التي تواجهها إسرائيل على الجبهة الشمالية، خصوصاً بعد التقديرات التي تغيرت عقب الضربات المبكرة التي تلقاها حزب الله. وهنا يظهر التحدي الأساسي الذي تواجهه إسرائيل بعد الهجوم الإيراني المفاجئ، والذي يطرح تساؤلات حول قدرتها على فرض تغيير جماهيري على المشهد الإستراتيجي في المنطقة.
وفي هذا السياق، أكد مصطفى وجود توجهيين في السياسة الإسرائيلية: الأول يستند إلى ضرورة توجيه ضربة تعطي قوة دفع لإسرائيل، والثاني يدعو إلى رد متوازن يتلاءم مع الهجوم الإيراني. وقد أضاف أن طبيعة الرد الإسرائيلي ستحدد إمكانية التوجه نحو تحقيق تغيير إستراتيجي أو عدمه. في حال اختارت إسرائيل الرد بشكل متناسب مع الهجوم، فمن المحتمل أن يتسبب ذلك في إعاقة قدرتها على تحقيق مثل هذا التغيير، مما يضعها تحت ضغط التهديدات الإيرانية المتزايدة.
مع ذلك، فإن مصطفى يعتقد أن هناك أمل في مرحلة جديدة إذا اختارت إسرائيل توجيه ضربة شاملة تستهدف المنشآت الإستراتيجية الإيرانية. ويرى أن هذا الخيار بحاجة إلى نقاش قوي بين الإدارات الأميركية والإسرائيلية حول كيفية التعامل مع الأهداف الأكثر أهمية في إيران. فبينما تريد الولايات المتحدة رداً يكافئ الهجوم الإيراني، فإنها تسعى في الوقت ذاته إلى احتواء الوضع ومنع تصعيده إلى حرب إقليمية واسعة.
في الخلاصة، يبدو أن الوضع الإقليمي يمر بمرحلة من التعقيد والحذر الشديد، حيث تهدف إسرائيل إلى تحقيق أهدافها ضمن حدود معينة، مدفوعةً بالوضع الاستراتيجي المتغير. إن ردود الفعل على ضغوط إيران ستلعب دوراً محورياً في تحديد مسار الأحداث المستقبلية في المنطقة، مما يجعل العلاقة بين كل من تل أبيب وطهران تمثل نقطة محورية للسياسات الإقليمية والدولية.