نجح الائتلاف الحكومي في باكستان في تمرير التعديلات الدستورية الـ26 بعد أسابيع من الجدل والخلافات بين الأحزاب السياسية. تمت الموافقة على هذه التعديلات في مجلس الوزراء الفيدرالي، وتم التصويت عليها في مجلس الشيوخ والبرلمان، حيث حصل المشروع على نسبة الثلثين التي تعد ضرورية لإقرار التعديلات. وبفضل هذا التصويت، تم تعيين القاضي يحيى أفريدي رئيساً جديدًا للقضاة، ليعتبر بذلك ثالث القضاة أقدمية في المحكمة العليا الباكستانية.

يتضمن مشروع التعديل الدستوري 22 تعديلًا مختلفًا، تركز معظمها على الجانب القضائي. من بين أبرز التعديلات، تم تحديد ولاية رئيس المحكمة العليا بثلاث سنوات، إلا إذا استقال أو بلغ سن التقاعد أو عُزل. كما أُدخلت تعديلات في عملية تعيين رئيس لجنة الانتخابات الباكستانية، وأصبح من الممكن وضع نظام كامل للقضاء على الربا بحلول عام 2028. كما تم تشكيل هيئة دستورية جديدة لتكون مسؤولة عن بعض القضايا القانونية، مما أدى إلى ترك رئيس القضاة دون سلطة تغيير هذه الهيئة.

رغم الدعم الحكومي، وجدت التعديلات معارضة قوية من الأحزاب السياسية الأخرى، خاصة حزب “إنصاف”. فقد اتهمت هذه الأحزاب الحكومة بمحاولة تقييد القضاء ونزاهته، وأعلنت عن اعتزامها الطعن في التعديلات في المحكمة. وقد استجاب الحزب المعارض بإعلان طعونه في التعديلات، وهو ما يعكس انقسامات عميقة في النظام السياسي الباكستاني. في الوقت ذاته، ومع استمرار الجدل، حاولت بعض الشخصيات الاستفادة من الوضع الحالي لتقديم طعون هم أيضاً ضد التعديلات الجديدة.

تأثير هذه التعديلات يشير إلى انقسام أكبر في المشهد السياسي، حيث يعتبر البعض أن التعديلات تشكل تشويهاً لوجه الدستور. الرئيس السابق لنقابة محامي المحكمة الإسلامية عارف تشودري عبّر عن قلقه من التأثيرات السلبية التي ستتركها هذه التعديلات على استقلال القضاء. وبحسب تشودري، فإن هذه التعديلات ستؤدي إلى اعتماد القضاء بشكل أكبر على الحكومة، مما يجعل البشريين أكثر اعتماداً على الهيئات الحكومية لتقرير مصيرهم.

بالإضافة إلى انشغال الأحزاب بالتحولات السياسية، يبدو أن هناك تأثيرات بعيدة المدى على العلاقة بين الحكومة والسلطة القضائية. وقد وُجهت اتهامات للحكومة بأنها تريد استبعاد القضاة الذين لديهم ميول سياسية معينة، مما يعكس قلقًا عميقًا بشأن استقلال القضاء في باكستان. من ناحية أخرى، يُنظر إلى هذه التعديلات من قبل البعض كوسيلة لحماية الحكومة من الضغوط السياسية والتحركات التي تعرضت لها في الماضي.

مع تصوير التعديلات على أنها تكتيكات غير ديمقراطية للحفاظ على السلطة، أظهرت الحكومة تمسكها بهذا الاستقرار. ومع ذلك، يبقى السؤال حول مدى التأثير الفعلي لهذه التعديلات في إدارة النظام القضائي في باكستان، سواء من حيث دعم الأحزاب السياسية أو من حيث الحفاظ على استقلالية الهيئة القضائية، حيث يوجد تخوف واضح من أن تؤدي هذه التحولات إلى مزيد من التوترات السياسية في المستقبل.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.