بعد أربع سنوات من مغادرته البيت الأبيض وسط أجواء سياسية متوترة، يعود الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى الساحة السياسية. يتوقع المراقبون عدم حدوث تغيير جذري في سياسته تجاه منطقة الشرق الأوسط، حيث سيكون أقل ميلاً للصراعات الخارجية وأكثر انشغالاً بالشؤون الداخلية. يعبر هؤلاء عن تفاؤل حذر بأن ترامب، نظراً لطموحاته الشخصية، قد يسعى إلى إنهاء الحروب في المنطقة من خلال إبرام صفقات وتفاهمات تجنب بلاده من الاستنزاف المالي والتورط في صراعات خاسرة، لكن مع عجزهم عن التنبؤ بتوجهاته الحقيقية بسبب عدم اتساق مساراته السياسية.
في السودان، هنأ المسؤولون، بمن فيهم رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي”، ترامب بفوزه، وأبدوا استعدادهم للتعاون معه من أجل تحقيق السلام. يبرز نائب رئيس المجلس، مالك عقار، عدم وجود اختلافات كبيرة بين الجمهوريين والديمقراطيين فيما يخص الأهداف والاستراتيجيات تجاه السودان، وهو ما يراه يعكس الواقع المعقد للعلاقات مع واشنطن. كما يشير المحلل العبيد أحمد مروح إلى أن فوز ترامب قد يتيح فرصة لتحسين العلاقات الثنائية، مستندًا إلى حدوث تقدم في الفترة الأخيرة خلال عهدته السابقة.
وعلى الجانب الآخر، تواجه العلاقات العراقية الأميركية تحديات جديدة بانتظار التغيرات في السياسات الإقليمية والدولية، خاصة بعد فوز ترامب. يعبر الأكاديمي حيدر حميد عن ضرورة أن تتبنى الحكومة العراقية استراتيجية ملائمة لمصالحها الوطنية، مشيراً إلى أهمية الالتزام الأمريكي بالاتفاقات الموقعة لضمان خروج القوات الأمريكية من العراق. كما يعرب حميد عن مخاوف من احتمال تصاعد الصراعات في المنطقة، لا سيما مع استمرار النزاع في غزة وجنوب لبنان، مما قد يجعل العراق جزءًا من تلك الصراعات نتيجة للتوترات الإقليمية المتزايدة.
أما في تركيا، فقد شهدت العلاقات التركية الأميركية تحديات كبيرة خلال ولاية ترامب الأولى، لكن برزت ملامح من التعاون. يرى المحلل أحمد أوزغور أن عودة ترامب توفر فرصة لتجديد العلاقات بين أنقرة وواشنطن، ولكن يتوقع أن تظل هذه العلاقات في حالة من التوازن بين التعاون والتوتر. إن رؤية ترامب للسياسة الخارجية تُعتبر أقل عدوانية تجاه روسيا، مما قد يساعد تركيا في تحسين وضعها في هذين المحورين، كما يتوقع أن تفتح عودة ترامب الباب أمام مناقشات جديدة بشأن القضايا التي تخص الأكراد في شمال سوريا، مما قد يؤدي إلى حلول وسط تحافظ على مصالح تركيا الأمنية.
في سياق متصل، يعبر القيادي الحوثي حسين العزي عن موقف جماعته بعد فوز ترامب، مؤكدًا على دعمهم لقطاع غزة وأن قضيتهم مع أمريكا تتطلب “فاتورة طويلة” فيما يتعلق بالتعويضات عن أضرار الحروب في اليمن. وقد تصاعدت التوترات بين الحوثيين والولايات المتحدة خلال الفترة الماضية، حيث وضعت الأخيرة الحوثيين على قائمة الجماعات الإرهابية. يعبر الباحث ياسين التميمي عن توقعاته بأن تؤثر التطورات في غزة على سياسة ترامب تجاه الحوثيين، مما قد يؤدي إلى تغييرات في النهج العسكري الحالي القائم تحت إدارة بايدن.
بشكل عام، تظهر التوقعات حول تأثير عودة ترامب إلى البيت الأبيض أنها معقدة ومتعددة الأبعاد. من الصعب التنبؤ بكيفية تعاطيه مع كل من الدول العربية والإسلامية، إذ من الممكن أن تؤدي طموحاته الشخصية ورؤيته الخارجة عن التقليدية إلى نتائج غير متوقعة في العلاقات الدولية، مما قد يشكل تحديات جديدة لمنطقة الشرق الأوسط التي تعاني بالفعل من عدم الاستقرار والصراعات المستمرة.