تُبرز الأحداث الأخيرة في القدس المحتلة التأثير السلبي للقضاء الإسرائيلي على حقوق الفلسطينيين، خاصة في ظل تصاعد التوترات بعد السابع من أكتوبر. التحولات في النظام القضائي الإسرائيلي، والتي كانت تُمارس سابقًا تحت غطاء تطبيق القانون، أصبحت تتجه نحو خدمة سياسات التيارات اليمينية المتطرفة، وهو ما يعكس غياب الاستقلالية في القضاء ويعزز من هيمنة السلطة السياسية على هذه المؤسسة. يُعتبر القضاء الإسرائيلي الآن جزءًا لا يتجزأ من الآلة العسكرية والسياسية للاحتلال، مما يعيق العدالة ويقوّض الحقوق المدنية للفلسطينيين.
المحامي خالد زبارقة يوضح أن القضاء الإسرائيلي بات خاضعًا لنفوذ تيارات اليمين المتطرف، مشيرًا إلى وجود مندوبين عن هذه التيارات ضمن المؤسسة القضائية. تلك العناصر التي تمت زراعتها في النظام القضائي تُنفذ قرارات تنتهك حقوق المقدسيين، وتعزز من القبضة الأمنية على المجتمعات الفلسطينية. هذا التوجه يبرز تحولًا في دور القضاء من كونه أداة لحماية الحقوق إلى أداة لتعزيز سياسات الاحتلال والممارسات التعسفية ضد الفلسطينيين.
كما أشار زبارقة إلى استغلال الأحداث الأخيرة، مثل معركة “طوفان الأقصى”، كذريعة لتطبيق سياسات شديدة القسوة ضد الفلسطينيين في القدس. القضاة حاليًا يتماهون مع توجيهات الأجهزة الأمنية، ما يعني تصاعدًا في التعسف والانتهاكات الممنهجة. ومن المؤسف أن ما كان يُنظر إليه سابقًا كنوع من الحماية للقانون ضد الانتهاكات السلطوية، أصبح اليوم أداة لتكريس هذه الانتهاكات في ظل الحالة الطارئة التي تمر بها البلاد.
المحامي محمد شهابي لاحظ أيضًا تغييرات في كيفية تعامل السلطات الإسرائيلية مع الفلسطينيين، خاصة المقدسيين، بعد اندلاع الحرب. وزارة الداخلية الإسرائيلية عمدت إلى تشديد الإجراءات البيروقراطية وتعقيد الملفات، مما أدى إلى عرقلة حقوقهم الأساسية ومعاملاتهم اللازمة عبر المماطلة في منح التصاريح والإقامات. هذه السياسات جعلت الأمر شديد التعقيد للفلسطينيين لاستيفاء مستندات تعتبر ضرورية لهم في حياتهم اليومية، وأثرت سلبًا على استقرارهم الاجتماعي والمالي.
التجربة الشخصية لشهابي توضح كيف أدى التوجه العنصري للقضاء إلى تمييز واضح ضد العرب. فقد شهدت المحاكم تجاهلاً مقصودًا للقرارات التي تعزز حقوق الفلسطينيين، مما يعكس سياسة انتقام من قبل السلطة تتجلى من خلال مختلف مجالات الحياة، بما في ذلك البناء، والتصاريح، والاعتقالات. يعكس هذا سعيًا مستمرًا لإضعاف الوجود الفلسطيني في القدس، وتعزيز الممارسات التي تهدف إلى تهجير السكان المحليين.
في الختام، يتضح أن القضايا المتعلقة بالاستقلالية والحفاظ على حقوق الفلسطينيين في القدس تمر بمرحلة عصيبة، حيث تستغل الأزمات لتحويل القضاء إلى أداة للعملاء. هذه المسألة تعكس الصورة الأوسع للاحتلال واستمرارية الممارسات العنصرية والتمييزية التي تستهدف الوجود العربي. يتطلب الأمر تضافر الجهود المحلية والدولية لمواجهة هذه الانتهاكات وتعزيز الحقوق الأساسية للسكان الفلسطينين.