أدى إعلان وسائل الإعلام الإسرائيلية عن مقتل قائد اللواء 401، العقيد إحسان دقسة، الذي ينتمي للطائفة الدرزية، خلال المعارك في منطقة جباليا بقطاع غزة، إلى جدل واسع حول علاقة أفراد من الطائفة الدرزية بالمؤسسة العسكرية الإسرائيلية. هذا الحدث أثار تساؤلات عميقة تتعلق بقضايا الهوية والولاء والتمييز، حيث يعكس الانقسام الحاد الموجود داخل المجتمع الإسرائيلي بين الأديان والعرقيات المختلفة. يُعتبر الدروز جزءًا من التركيبة المعقدة للعرب في إسرائيل، وكان لهم تاريخ طويل مع الجيش الإسرائيلي ومؤسسات الدولة.

يرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية، عادل شديد، أن التحولات في مسار ضباط الدروز العسكري تعود إلى سياق تاريخي وسياسي معقد. فمنذ الخمسينيات، ونتيجة لسياسات معينة، تم عزل الطائفة الدرزية عن السياق الفلسطيني وعُزلوا عن بقية المجتمعات العربية. تم منحهم هوية مستقلة ولكن مع ذلك بشكل مقصود تم تحويل ولائهم إلى الجيش الإسرائيلي، خاصة بعد توقيع “حلف الدم” بين الشيخ سلمان طريف والحركة الصهيونية. هذا التحول سمح لهم بالتجنيد في الجيش الإسرائيلي، لكن كان له عواقب تتعلق بعلاقاتهم مع باقي العرب في إسرائيل.

تجدر الإشارة إلى أن الدروز الذين يلتزمون بالخدمة العسكرية بنسبة أكثر من النسبة العامة لليهود، يعانون بنفس القدر من التمييز والظلم. العديد منهم تعرضوا لقرارات هدم منازلهم بعد انتهاء خدمتهم، مما يعني أن العلاقة بين الطائفة والسلطات الإسرائيلية ليست علاقة ولاء مطلق، بل علاقة مشوبة بالتوتر والتمييز. العقيد إحسان دقسة، الذي قُتل مؤخراً، كان من الممكن أن يواجه نفس المصير بعد انتهاء خدمته، مما يبرز الفجوة الموجودة بين الخدمة العسكرية والمكانة الاجتماعية.

في سياق ترقية الضباط الدروز، يشير شديد إلى أن هذا التحول جزء من استجابة الجيش الإسرائيلي للتغيرات الاجتماعية، وتحولاته نحو نموذج “الجيش الصغير الذكي المهني”. مع تغيّر التركيب السكاني في الجيش بسبب ابتعاد بعض اليهود العلمانيين عن الخدمة العسكرية، بدأت الفرص تفتح أمام الدروز والدينين اليهود لشغل مناصب مهمة في الجيش أيضاً. غير أن هذا الفتح جاء مع صراعات بين التيارات المختلفة داخل الجيش، حيث يراها الدروز كفرصة عمل، بينما يسعى المتدينون اليهود لتوجيهها لخدمة مشروعهم الديني.

رغم الترقيات التي يحصل عليها بعض الضباط الدروز، تبقى إمكانية وصولهم إلى المناصب الأعلى، مثل رئاسة الأركان، أمرًا مستبعدًا بسبب الهيمنة المتزايدة للتيار الديني الصهيوني على المؤسسة العسكرية. في ظل هذا التوجه، يتطلب الوصول إلى مناصب عسكرية رفيعة الموافقة من شخصيات سياسية مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، مما يعكس التحديات التي تواجهها الأقليات في تحقيق تطلعاتها داخل بنية الجيش.

أخيراً، يُظهر تحليل شديد أن التمييز العنصري داخل الجيش لم يقتصر على الدروز فحسب، بل يمتد ليشمل مجموعات أخرى مثل اليهود الإثيوبيين. أحداث الشجار والصراعات العرقية داخل الجيش تشير إلى العمق المتزايد للتوترات العرقية والدينية، ما يعكس التحولات والاجتماعية التي يمر بها المجتمع الإسرائيلي. يتطلب هذا الوضع إعادة نظر في السياسة العسكرية وإصلاحات للجوانب الاجتماعية والتوظيفية بما يعزز التعايش بدلاً من التمييز.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version