من الصعب فهم النوايا الحقيقية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فيما يتعلق بالرد على إيران، خاصة بعد الهجمات الأخيرة التي أطلقتها إيران. يبدو أن نتنياهو منفتح على حرب مفتوحة مع طهران، مما ينذر بخطر كبير على المنطقة. يتزامن هذا مع محاولته لكسر ما يسميه “حزام النار” الذي قدمته إيران عبر تحالفاتها العسكرية. ومنذ الهجمات الصاروخية، تنعقد اجتماعات متكررة لمناقشة شكل الرد الإسرائيلي، مع تناقض بين رغبة نتنياهو في رد حازم وطموحاته وبين الضغوط الأمريكية التي تدعو إلى رد متوازن ومحدود.

تشير بعض التحليلات إلى احتمال اتجاه نتنياهو نحو توجيه ضربة واسعة للبرنامج النووي الإيراني، بما في ذلك استهداف المنشآت النووية مباشرة، إلا أن ذلك قد يقابل بمواقف معارضة من الولايات المتحدة ومخاطر غير محسوبة قد تؤدي إلى خيارات غير متوقعة. يتراوح الرد المحتمل من حملات قصف مباشرة إلى عمليات عسكرية سرية، مع التركيز على إضعاف الاقتصاد الإيراني واستهداف جميع الهياكل العسكرية الحيوية. ويعد تهديد إيران بالرد على أي استهداف، جزءًا من حسابات نتنياهو المعقدة، إذ إن أي تحرك يفرض تحديات جديدة في المنطقة.

تتعلق حيرة صناع القرار الإسرائيلي بتحديد الأهداف التي ينبغي استهدافها، خصوصًا في ظل المخاوف من ردة الفعل الإيرانية واحتمالية فتح جبهة عسكرية واسعة. الرئيس الأمريكي جو بايدن قدم نصائحه بعدم استهداف المواقع النووية، مما يعقد الخيارات الإسرائيلية. ومع ذلك، يبدو أن هناك تناقضات ضمن المواقف الأمريكية مما يزيد من التوترات، كما أن الضوء الأخضر لا يعني بالضرورة غياب المخاطر التي قد تواجهها إسرائيل في حال اتخذت خطوات غير محسوبة.

تكشف التوترات السياسية الأمريكية الداخلية عن أبعاد الصراع، حيث يستغل نتنياهو ضعف الإدارة الأمريكية الحالية لتجاوز الخطوط الحمراء. يسعى لتحقيق نتائج عسكرية تتحرر من قيود حليفه، ولكن ذلك قد يجر إسرائيل إلى حرب شاملة مع طهران. لقد أدى تآكل قواعد الردع السابقة إلى تصعيد العمليات العسكرية، واتجهت الأمور نحو نتائج يصعب تصورها. ومع تزايد الخسائر في صفوف الجيش الإسرائيلي، أصبحت القضية الإنسانية داخل غزة والجنود الأسرى ثانوية في سياق الصراع المستمر.

يرى نتنياهو أن إيران وأذرعها، مثل حركة حماس وحزب الله، قد ضعفت بشكل كبير نتيجة الضغوط العسكرية التي تعرضت لها على مدى العام الماضي. يعتقد أن الوضع العسكري الحالي يمكّنه من إدارة المواجهات بشكل أفضل، مستغلاً ظروف احتواء التهديدات الإيرانية. ومع ذلك، يبقى الثمن البشري مرتفعًا وخطر التصعيد دائمًا مستمر، مما يعني أن خطط نتنياهو قد تؤدي إلى نتائج غير محسوبة نهائيًا، خاصة مع العودة المحتملة لإيران لزيادة تهديداتها.

في النهاية، يمكن القول إن الموقف الإسرائيلي تحت إدارة نتنياهو معقد للغاية، حيث تتداخل الجوانب العسكرية والسياسية بشكل يصعب الفصل بينهم. يسعى نتنياهو إيجاد توازن بين الرد الحازم على إيران وحسابات الحلفاء، مما يجعل الوضع معدًا لتطورات لا يمكن التنبؤ بها. كما أن الرهان الإسرائيلي على تفكيك الحزام الأمني الإيراني عبر ضربات عسكرية قد يكون مضللًا، خاصة مع وجود مؤشرات على أن الرد الإيراني قد يأتي بشكل أكثر عنفوانًا مما يتوقعه صناع القرار في إسرائيل.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version