في سياق التوترات المتصاعدة بين إيران وإسرائيل، تبرز مفاهيم الحرب النفسية كاستراتيجية محورية تلجأ إليها تل أبيب لمواجهة النفوذ الإيراني. ظل الحديث متزايدًا في طهران عن هجوم إسرائيلي وشيك يتوقع أن يكون “قويًا ومؤثرًا”، مما دفع الإيرانيين إلى التفكير في كيفية التصدي لمثل هذه التهديدات. وفقًا لمراقبين، تعتبر الحرب النفسية أداة مهمة لإسرائيل تهدف إلى تقويض الروح المعنوية وتعزيز الشعور بالضعف في إيران عبر استراتيجيات متعددة تشمل نشر الإشاعات والتحكم في المعلومات.
تتأسس الحرب النفسية الإسرائيلية، حسب وجهة نظر إيرانية، على سلسلة من التكتيكات التي تستهدف التأثير على الشعب والقادة المسؤوليين. يعمد الإسرائيليون إلى تعزيز شائعات تفيد بتراجع أداء القادة العسكريين الإيرانيين، وتضخيم الأبعاد السلبية للهجمات الإسرائيلية على الأهداف الإيرانية. كما يستفيدون من وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لنشر الرسائل والإشاعات التي تعزز الصورة السلبية عن إيران، مما يضعف الثقة في قدراتها الدفاعية والردعية.
ردًا على هذه الحملات، تخطط إيران لأسلوب استراتيجي متكامل يتضمن عناصر سياسية وإعلامية وعسكرية. يتطلب ذلك توضيح الموقف الإيراني بشأن الشائعات وتأكيد القوة والثبات تجاه الضغوط. يبرز العميد حسين دقيقي في حديثه أن غياب بعض القادة العسكريين لا يدل على الضعف بل على التركيز على المهام الوطنية، مما يعكس العزم الإيراني في تجاوز التحديات. إلى جانب ذلك، تسعى إيران إلى تعزيز الرأي العام المحلي عبر وسائل الإعلام الوطنية وتحسين الرسائل الموجهة للشعب.
ومع ذلك، فإن بعض المحللين يرون أن ردود الفعل الإيرانية على الحرب النفسية لا تزال ضعيفة. وقد أشار الأكاديمي محمد علي صنوبري إلى أن الحرب النفسية لم تعد مجرد أداة تبعًا للحرب العسكرية، بل تحولت إلى سلاح يؤثر على مجريات الصراع. وأظهر صنوبري أن طهران تعاني من تأثير هذه الحرب، وأن الإعلام الإيراني لم يعد المرجع الأفضل للمواطنين، مما ينظر إليه كعقبة في استجابتهم للصورة التي تروجها وسائل الإعلام الإسرائيلية.
أصيبت إيران بخيبة أمل تجاه جدوى الصمت الحكيم ووسائل الإعلام في محاربة الحرب النفسية الإسرائيلية. فيما ترى الباحثة عفيفة عابدي أنه لا يوجد حدود واضحة للحرب النفسية، إذ أن الاعتداءات تستفيد من دعم واشنطن وحلفائها. وتعبر عن قلقها حيال كيفية جمع المعلومات وتوجيه التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية على الإيرانيين، مما يساهم في تعميق حالة الاضطراب في الداخل.
ختامًا، تتمثل تحديات إيران في تعزيز موقفها في مواجهة الحرب النفسية الإسرائيلية. يتطلب الأمر استراتيجيات مبتكرة لرفع الروح المعنوية في الداخل وتعزيز مجتمع قوي يمكنه مواجهة الضغوط النفسية والتغيرات الاجتماعية. تشير الديناميكيات الإقليمية إلى أن الحرب النفسية لن تنتهي قريبًا، لذا يجب على إيران فهم الأدوات المستخدمة في هذا الصراع والعمل على تطوير استراتيجيات فعالة للرد.