كشفت دراسة جديدة عن استخدام الجيش الإسرائيلي لقنابل شديدة التدمير من نوع “مارك-84” في الفترة بين 7 أكتوبر و17 نوفمبر 2023، حيث أسقطت القوات الجوية مئات القنابل التي تزن ألف كيلوغرام بالقرب من المستشفيات في قطاع غزة. وأظهرت الدراسة أن هذا الاستخدام كان بشكل ممنهج وعمداً بهدف إلحاق أضرار جسيمة وإصابات ووفيات بالمواطنين الفلسطينيين. والنتيجة كانت تأكيدًا إضافيًا لاستهداف المستشفيات، حيث سجل حدوث استهداف متعمد للمستشفى الأهلي العربي “المعمداني” في حي الزيتون والذي أدى إلى إصابة العديد من المرضى والجرحى.
فتحت الدراسة، التي نشرت في مجلّة “بلوس” لفرع الصحة العامة العالمية، أفقًا جديدًا للفهم حول استهداف البنية التحتية الصحية في غزة، حيث استخدم الباحثون بيانات جغرافية مكانية متاحة للجميع مع تحقيقات صور الأقمار الصناعية التي أجرتها وسائل إعلام مثل “سي إن إن” و”نيويورك تايمز”. وقد تم تحديد 36 مستشفى و592 حفرة قنبلة، ما يبرز قرب هذه المواقع من المستشفيات، مما يشير إلى وجود نية واضحة لاستهدافها.
تعتبر قنابل “مارك-84” أميركية الصنع وتقع ضمن سلسلة “مارك-80″، وهي مصممة للاستخدام في الطائرات العسكرية ولأغراض متعددة، مما يجعلها ذات تأثير هائل يطال البنية التحتية بمساحات واسعة. كونها تفتقر إلى نظام توجيه دقيق، تعتمد هذه القنابل فقط على الجاذبية، مما يجعل لها دقة أقل مقارنة بالذخائر الموجهة، وكل هذا يتضح من التقارير التي تشير إلى إحجام الجيش الإسرائيلي عن استخدام مبدأ التوجيه الحديث، مما يلقي بظلال الشك حول نواياه تجاه المدن التي توصف بكثافتها السكانية العالية.
وجد الباحثون أن 9 مستشفيات كانت على مسافة 360 متراً من حفرة قنبلة، وهو مدى يعد قاتلاً، في حين أن 30 مستشفى كانت على بعد 800 متر، وهو مدى يؤدي لتدمير البنية التحتية لهذه المستشفيات. وبتحليل البيانات، وجد العلماء أن هناك أدلة قوية تكشف استهدافاً متعمداً لمرافق الصحة، حيث تم إحصاء 38 قنبلة من فئة “مارك-84” بالقرب من المستشفيات في مناطق الإخلاء المعلنة.
تستند هذه النتائج إلى بيانات رسمية تشير إلى زعم المجتمع الدولي بتسليح القوات الإسرائيلية، حيث أفاد تقرير من جامعة براون أن الإنفاق الأميركي على العمليات العسكرية منذ بداية النزاع بلغ ما لا يقل عن 22.76 مليار دولار، مع توقعات بزيادة هذا الرقم في المستقبل. وقد شمل هذا التمويل دعمًا أمنيًا يهدف لتعزيز العمليات العسكرية، مما يثير جدلًا حول دور الولايات المتحدة في تلك الأفعال، والتي تتجاهل التبعات الإنسانية والخراب الذي يلحق بالسكان بشكل متواصل.
في النهاية، تعرضت المستشفيات في قطاع غزة لضغوط غير مسبوقة نتيجة الحرب، حيث يجمع العديد من المراقبين والعلماء على أن الضرر الذي لحق بالبنية التحتية الصحية له آثار سلبية فورية وطويلة الأمد على صحة الفلسطينيين. تأتي هذه الدراسة لتبرز دلالة جديدة حول وسائل الحرب والأفعال غير الإنسانية التي تتعرض لها المجتمعات المدنية، مما يتطلب تحقيقًا دوليًا شاملًا لضمان المساءلة وضمان حماية المدنيين في النزاعات المسلحة.