يعكس الوضع الحالي للعائلات السورية واللبنانية النازحة في سوريا صورة مأساوية حيث تجد هذه العائلات نفسها مضطرة للانتظار لساعات أو حتى أيام حول أمتعتها وفي ظروف قاسية، سواء تحت حرارة الشمس أو برودة الليل. معظم هؤلاء النازحين يفتقرون للأسقف والفرشات والطعام، ويكون انتظارهم مصحوباً بقلق بالغ بسبب نقص وسائل النقل المتاحة والتي تضمن لهم الوصول إلى مراكز الإيواء أو المدن. يوضح بشار، سائق التاكسي، أن أزمة البنزين قد تفاقمت بشكل كبير بعد بدء الأحداث في لبنان، مما أدى إلى ارتفاع حاد في تكلفة النقل، حيث استغل بعض السائقين حاجة النازحين لرفع الأجرة إلى مستويات لا يمكن تحملها.
وفيما يتحدث جابر، نازح سوري، عن معاناته مع أسرته على الحدود السورية، يتضح أن وضعهم المالي كان سيئًا للغاية، حيث لم يكن لديهم سوى مليوني ليرة لبنانية، وهو ما لم يكفِ لتمويل طعامهم خلال أيام الانتظار. وفي ظل الارتفاع الكبير لأسعار نقل الأفراد من الحدود إلى وجهاتهم، وجدت العديد من العائلات نفسها مضطرة للاعتماد على الحافلات المجانية التي تنظمها السلطات المحلية، لكن الانتظار لهذه الرحلات قد يدوم لفترات طويلة بسبب شح المحروقات وزيادة أعداد النازحين.
أزمة المحروقات ليست فقط مشكلة للعائلات النازحة، بل أصبحت أزمة عامة في سوريا تعاني منها معظم المناطق. حيث أدت القيود على المخصصات الحكومية من البنزين والمازوت إلى شلل في وسائل النقل العامة وارتفاع أسعار السلع الأساسية. موظفة تدعى نسرين تعبر عن صعوبة التنقل إلى عملها بسبب عدم توفر وسائل النقل وارتفاع تكاليف سيارات الأجرة. وقد زادت هذه الأزمات من ضغوط الحياة اليومية للسوريين.
بينما تشهد الأسواق السوداء ارتفاعاً كبيراً في أسعار الوقود، ارتفع سعر لتر البنزين إلى 27 ألف ليرة، بينما ارتفعت أسعار الخضار والفواكه نتيجة زيادة تكاليف النقل، مما أثر سلبًا على القدرة الشرائية للمواطنين. نتيجة لذلك، ارتفعت أيضا الأسعار في الأسواق العامة، مما وضعت ضغوطا إضافية على حياة المواطنين الذين يعانون بالفعل من تدني الرواتب والأجور.
مع استمرار أزمة الوقود، يجد ملايين السوريين أنفسهم تحت ضغط متزايد يعيش فيه 90% منهم تحت خط الفقر، حيث لا تتجاوز رواتب القطاع العام 25 دولاراً شهرياً. النظام الغذائي الأساسي لم يعد في متناول العديد من الأسر، حيث يعاني 12.1 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي، وهذا يعني أن الغالبية العظمى من السكان يعانون بمراحل مختلفة من الفقر والجوع.
في المجمل، تعكس هذه الظروف الاقتصادية القاسية التي تمر بها سوريا تأثير الحرب والإجراءات المتعلقة بالأزمة في لبنان، مما يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية والاقتصادية. الأمل في تحسن الوضع يبدو بعيد المنال في ظل الظروف الحالية، حيث لا تزال الحروب والصراعات تستمر في تشكيل مستقبل البلاد وتعيق إمكانية التعافي.