يطرح الكاتب التركي مراد أوزيلدرم في مقاله تساؤلات حول الأسباب المعقدة وراء العدوان المستمر لإسرائيل على الأراضي الفلسطينية واللبنانية، موضحًا أنه يمكن إجمال ذلك في المزاعم الدينية والتاريخية التي تروجها إسرائيل والتي تبرر بها توسيع نفوذها في منطقة الشرق الأوسط. يُشير أوزيلدرم إلى أن هذه المزاعم تستند إلى تصور ديني يتجاوز حقيقة الأبعاد السياسية والعسكرية للصراع، ويعزز من غطرسة إسرائيل وعنفها تجاه الدول المجاورة. كما يلقي الضوء على تقاعس المجتمع الدولي، وبالأخص الولايات المتحدة، عن القيام بدور فاعل في مواجهة هذه الأعمال العدوانية.

في هذا السياق، يتحدث الكاتب عن كيفية تجاهل إسرائيل لعواقب الجرائم التي ارتكبتها في غزة ولبنان وسوريا، مُستشهدًا بتصريحات أحد وزرائها التي تعكس اعتقاده بأنهم يستطيعون ضرب أي مكان في الشرق الأوسط دون رادع. يعتبر أوزيلدرم أن هذا التصريح يُظهر مدى استهتار إسرائيل بالقوانين الدولية والحقوق الإنسانية، حيث تُعبر تصرفات إسرائيل عن شعور بالتفوق لا يستند إلى أي مبدأ أو قيمة إنسانية.

يدعو أوزيلدرم إلى مقارنة التصور الإسرائيلي مع النازية، حيث يدّعي أن تلك العقلية المميزة بالتفوق العرقي تشكّل جوهر قسوة العمليات الإسرائيلية. يُشير الكاتب إلى أن اليهود يرون أنفسهم كأبناء آدم ويعتبرون بقية البشر في منزلة أدنى، مما يبرر لهم معاملتهم القاسية للآخرين ومحاولة السيطرة عليهم. هذه العقلية تعكس شعورًا بتفوق الذات، حيث تعتقد إسرائيل أنها مسؤولة عن “تربية” الآخرين بمعزل عن الرحمة أو الاعتبارات الإنسانية.

كما يتناول أوزيلدرم فكرة إعادة بناء ما تسميه إسرائيل بهيكل سليمان، موضحًا كيف تعكس هذه الفكرة اعتقادًا دينيًا يمنحهم الذريعة لتجاوز المعايير الأخلاقية والحقوقية. هذه الرؤية تساهم في تعميق الصراعات، إذ يسعون إلى تحقيق نبوءات دينية تتعلق بظهور المسيح وبداية القيامة، الأمر الذي يستدعي حالة من الفوضى في المنطقة، مما يوحي بأن هناك علاقة وثيقة بين الدين والسياسة في الصراع الحالي.

يتطرق الكاتب إلى دور بعض الطوائف الإنجيلية في الولايات المتحدة، مشيرًا إلى أن دعمهم لإسرائيل ينبع من سعيهم لتحقيق تنبؤات نهاية العالم، وهو ما يعرف بأرمجدون. يُفسر أوزيلدرم هذا السلوك كجزء من رغبة أمريكا في التلاعب بمصير المنطقة لتحقيق أهداف دينية خاصة، ويعتبر أن الفوضى التي يرغبون في نشرها ستؤدي إلى تسريع الأحداث التي يأملون في حدوثها. هذا ما يدعو إلى التفكر في الدوافع الدينية التي تؤجج النزاع وتؤثر على السياسات الخارجية.

تتجلى التحديات الدولية في تصريحات أوزيلدرم حول تجاهل إسرائيل قرارات الأمم المتحدة، حيث تمثل هذه التصرفات تحديًا صارخًا للمجتمع الدولي الذي يفشل في تطبيق معايير العدالة والسلام. ويعتبر أن هذا التحدي يُعزز من فكرة تحول إسرائيل إلى دولة “إرهابية”، تهدد الدول المجاورة وتغير الوضع القانوني للقدس، مما يزيد من تعقيد الصراع ويجعل من الصعب تحقيق السلام.

في ختام مقاله، يشير الكاتب إلى فقدان الأمم المتحدة لقدرتها على فرض السلام، خاصة في ظل الأزمات المتعددة التي تعيشها دول مثل سوريا والعراق. هذه الفوضى الداخلية، بجانب ضعف الدول الإسلامية، تعزز من قسوة الاحتلال وتسمح لإسرائيل بالاستمرار في مخططاتها التوسعية دون أي رادع، مما يُهدد أيضًا حرمة المسجد الأقصى. يُظهر هذا السياق المكشوف كيف أن النزاع الديني والسياسي يتداخلان بشكل معقد مع الصراعات الداخلية والخارجية في المنطقة، مما يستدعي تحركًا دوليًا فعالاً لإنهاء دوامة العنف.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.