بعد فترة غياب دامت نحو أسبوعين، ظهر الجنرال إسماعيل قآني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، مجددًا على التلفزيون الإيراني، مما أدى إلى انتهاء موجة الشائعات حول مصيره، والتي تضمنت تقارير عن اغتياله أو اعتقاله أو حتى هروبه إلى تل أبيب. تم بث هذا الظهور خلال مراسم استقبال جثمان عباس نيلفروشان، مسؤول ملف لبنان في فيلق القدس، الذي قُتل في غارة إسرائيلية. أُثيرت تساؤلات بشأن غياب قآني عن صلاة الجمعة التي أداها المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، مما زاد من الشكوك حول موقعه ومصيره في ظل التوترات المتزايدة بين إيران وإسرائيل.

رغم تأكيد عدة مسؤولين إيرانيين أن الجنرال قآني بخير، استمرت بعض الوسائل الإعلامية العالمية في نشر تقارير غير دقيقة حول حالته، مشيرة إلى انقطاع التواصل معه بعد زيارة قام بها إلى لبنان. تباينت وجهات نظر الإيرانيين عبر منصات التواصل الاجتماعي حول هذا الأمر، حيث عبر البعض عن إيمانهم بأن قآني لم يتعرض لأي مكروه، بينما تساءل آخرون عن حقيقة غيابه. بعد ظهوره على التلفزيون، سخر بعض القادة الإيرانيين من الذين شككوا في الرواية الرسمية، مؤكدين أن قآني كان حيث يجب أن يكون في الميدان.

في إطار رده على التساؤلات حول انتشار الشائعات، اعتبرت الأوساط الإيرانية ظهوره بمثابة فشل للحرب النفسية التي شنها الإعلام المعادي. وفي هذا السياق، أكد العميد رمضان شريف، المتحدث السابق في الحرس الثوري، أن غياب قآني أظهر فشل الأعداء في فهم الثقافة الإيرانية، وأشار إلى أن الحرس الثوري لم يتردد يومًا في تكريم شهدائه خلال مراسم رسمية. كما أبدى شريف ثقته بأن قآني كان يؤدي مهامه على أكمل وجه، بدون أن يهتم بما يُتناول في الإعلام.

وفي حديثه عن الأبعاد الاستخباراتية، ذكر الباحث السياسي مهدي شكيبائي أن الحرب النفسية المتعلقة بقآني تأتي في إطار الرغبة الصهيونية في تحقيق نفوذ أكبر في لبنان، خاصة بعد نجاحهم في اغتيال عدد من قيادات حزب الله. وشدد على أن الأجهزة الأمنية الإيرانية ووكالاتها أقامت شبكة من المعلومات لردع أي محاولات من جانب العدو لتحديد موقع قآني أو قطع الاتصال به. كما أكد أن هذه الاستراتيجية أسفرت عن تسريبات معلومات مغلوطة بهدف تعقيد الأمور على الأعداء.

ومع كل هذه التطورات، يرى بعض المراقبين الإيرانيين أن غياب قآني واستعادة جبهة جنوب لبنان حضورها وفعاليتها يعكسان نجاح السياسة الإيرانية. ولفتت المصادر إلى الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير الخارجية الإيراني إلى لبنان، مما يعكس رغبة طهران في تعزيز علاقاتها مع حلفائها في المنطقة. بينما يرى آخرون أن نتائج هذه الحرب النفسية لن تنتهي إلا بالمزيد من التحديات، لكنهم يعبرون عن ثقتهم بأن هذه التحديات ستُحَل بذكاء ونضج.

في ختام هذا التحليل، يمكن القول إن ظهور الجنرال قآني في هذا التوقيت كان له أصداء كبيرة في المشهد الإيراني، مما يعكس أهمية الدور الذي يلعبه في المنطقة. وسط التوترات الجيوسياسية والمواجهات المستمرة، يظل ولاء ووجود قآني في الحرس الثوري مثالًا على ما يمكن أن تنتجه الاستراتيجيات الإيرانية من ردود أفعال معقدة وذكية على محاولات التضليل واختراق الأمن.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version