قال باسم نعيم، عضو المكتب السياسي لحركة حماس، إن معركة “طوفان الأقصى” ليست مجرد مواجهة خاصة بحزب أو حركة سياسية، بل هي معركة تمثل جميع الفلسطينيين وتدافع عن حقوقهم الثابتة، حيث يهدف الشعب الفلسطيني إلى تحقيق الحرية والاستقلال وتقرير المصير. وأضاف نعيم في حديثه مع الجزيرة نت، أن تاريخ الصراع يعكس أن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب مجازر ليس فقط في حق الفلسطينيين، بل أيضاً في حق شعوب عدة في المنطقة. وأكد أن المقاومة الفلسطينية تمكنت من إفشال مخططات دمج إسرائيل في المنطقة وتطبيع علاقاتها، وذلك بعد سلسلة من العمليات العسكرية التي عززت من مكانة القضية الفلسطينية على الساحة الدولية.
انطلقت عمليات “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر 2023، مشيرة إلى أن هذه الحرب لم تكن ناتجة عن لحظة غضب، بل كانت نتيجة لاستعدادات وتجهيزات استمرت لعشرين عاماً. وأوضح نعيم أن قدرة المقاومة على تحقيق هذه المعركة تتجاوز القدرات العسكرية التقليدية المدعومة بعمق شعبي كبير. ورأى أن الأحداث ألقت الضوء على تراجع الرواية الإسرائيلية التي لطالما اعتبرت غير قابلة للتشكيك، مشيراً إلى أن المجتمع الدولي لم يعد قادراً على تجاهل الانتهاكات المتواصلة بحق الفلسطينيين، وأن بعض الحكومات الغربية بدأت تعيد النظر في موقفها من إسرائيل.
أما من حيث النتائج والمكاسب، فقد أشار نعيم إلى أنه رغم الألم والمعاناة التي عانى منها الشعب الفلسطيني، فإن المقاومة استطاعت أن تعيد الرؤية العالمية للقضية الفلسطينية، إذ لم يعد بمقدور أحد تجاوزها. واستعرضت حماس مجموعة من الإنجازات، منها توجيه ضربة قوية للاحتلال وتحدي صورة الجيش الإسرائيلي الذي كان يُعتبر غير قابل للهزيمة. ولفت إلى أن الرواية الإسرائيلية كانت قد تآكلت، وأصبح هناك اعتراف عالمي أكبر بالمآسي التي يعاني منها الشعب الفلسطيني، مع وجود مطالب قانونية تنظر في إمكانية محاسبة قادة الاحتلال.
ورغم كل تلك المكاسب، تبقى معاناة الفلسطينيين مستمرة. يقول نعيم إن تضحيات الشعب الفلسطيني لا تقارن بالمكاسب، فعلى مدى سبعة عقود شهدت القضية الفلسطينية مجازر مستمرة، واعتداءات شملت عدة دول عربية. وأكد أن المسار التاريخي للعديد من شعوب العالم أظهر أنه لا يمكن تحقيق الحرية إلا عبر المقاومة والتضحيات، مشيراً إلى تجارب بلدان مثل فيتنام والجزائر حيث دُفعت أثمان باهظة من أجل الاستقلال.
وفيما يتعلق بالإستراتيجية المستقبلية، أكد نعيم أن المقاومة ستستمر طالما استمر الاحتلال. وأشار إلى أن التضحيات لم تكن مجرد رد فعل على الأحداث السابقة، بل كانت نتيجة لإستراتيجية طويلة الأمد وعلى استعداد دائم لمواجهة الاحتلال. ويدعو نعيم إلى ضرورة بقاء الاحتلال تحت الضغط المستمر للإبقاء على صراعه في حالة تأهب دائم، مشيراً إلى أن تاريخ الحركة هو تاريخ نضالي طويل ويعتمد على التخطيط والتحضير.
وفيما يتعلق بالتصعيد الحالي بين إسرائيل وحزب الله، يعتقد نعيم أن تعدد الجبهات يعكس ضعف الإستراتيجية الإسرائيلية ويزيد من الفرص لصالح الشعب الفلسطيني. ويعتبر أن التصعيد له آثار إيجابية حيث يشير إلى تراجع قدرة الاحتلال على المناورة. في الوقت نفسه، يؤكد أن مسألة معركة الفلسطينيين هي مسألة داخلية بحتة، رغم المناصرة الخارجية التي قد تتوافر لبعض الأطراف، لكن القرار النهائي يبقى بيد الفلسطينيين.
أخيراً، إذا تعلق الأمر بمفاوضات وقف النار، فإن نعيم يوضح أن مطالب حماس تقتصر على الحد الأدنى من الحقوق، مثل انسحاب قوات الاحتلال وفتح المعابر. ويؤكد أن الحركة تتعامل بمرونة ولكن بقيود واضحة، حيث يتمسك الفلسطينيون بحقوقهم ولا يمكنهم التنازل عن هذه المطالب الأساسية، خصوصاً في ظل الاحتلال. ويرى أن الحكومة الإسرائيلية تحت قيادة نتنياهو لا تسعى إلى التوصل لحلول عادلة، مما يجعل الأفق قاتماً لمفاوضات فعّالة.