مع اقتراب حملته الرئاسية الثالثة على التوالي من نهايتها، يبدو أن دونالد ترامب يتخذ نهجًا غير تقليدي في تجمعاته الانتخابية. إذ يتحدث في العديد من الفعاليات الانتخابية عن مواضيع بعيدة كل البعد عن السياسة، مثل انفجار السيارات العاملة بالهيدروجين وصعوبة إزالة الطلاء من الحجر الجيري، مما يثير استغراب الحضور. خلال إحدى الفعاليات في ولاية كارولينا الشمالية، كان من المقرر أن يركز على القضايا الاقتصادية، لكنه استغل الفرصة للهجوم على منافسته الديمقراطية، كامالا هاريس، معبرًا عن أسفه لعدم اجتهادها كما فعل هو. كما أشاد بالرئيس الصيني شي جين بينغ، بينما انتقد الرئيس السابق باراك أوباما بلغة غير دبلوماسية.
يبدو أن ترامب، مع اقتراب الانتخابات المزمع إجراؤها في 5 نوفمبر/تشرين الثاني، يظهر وكأنه مرشح غير منضبط. ورغم أن معظم السياسيين في مثل هذه المرحلة يميلون إلى تحسين حججهم الختامية، فإن ترامب يظهر سلوكًا عشوائيًا يشبه ما قد يقدمه فنان في جولة وداعية. سلوكه الطليق قد يهدد بفرار ناخبين محتملين، حيث أن السباق الرئاسي يتسم بالتنافس الشديد، ويكفي أن تختلف أصوات قليلة في بعض الولايات لحسم الانتخابات. مع ذلك، يعد هجوم حملة هاريس على ترامب بكونه “غير مستقر” و”غير متوازن” جزءًا من استراتيجيتهم لتقليص فرصه في الفوز.
يدافع ترامب عن أسلوبه العشوائي من خلال وصفه بأنه “نسيج”، حيث يتنقل من موضوع لآخر، وأحيانًا يغير النقاش في منتصف حديثه. على الرغم من الانتقادات، يرى أنصاره أن هذا الأسلوب جزء من جاذبيته، معتبرين أنه ينجح في توصيل القصص والأفكار بطريقة فريدة. والغريب في تجمعاته أن ترامب لا يتردد في استغراق بعض الوقت في استحضار ذكرياته من فترة رئاسته، أو حتى الحديث عن رياضيين قدامى، مما يعكس نوعًا من الهروب عن القضايا التي تهم الناخبين.
ترامب يواصل الإصرار على سرد ادعاءاته الكاذبة بأن الديمقراطيين حولوا الأمة إلى دولة فاسدة في فترة قصيرة. فهو يستغل منصة تجمعاته للحديث عن خصومه السياسيين كـ”أعداء من الداخل”، ويقدم روايات سوداوية عن الإجرام والهجرة، مما قد ينفر بعض الناخبين. ومع ذلك، يتمتع ترامب بحرية كبيرة في توجيه خطابه كما يرغب، ويدرك مساعدوه أن هذا النوع من الحديث ينجح في التواصل مع قاعدة مؤيديه.
الخروج عن النص هو جزء من استراتيجية ترامب في حملته، حيث يجري أيضًا مقابلات في منصات مثل بودكاست جو روغان، مما يمنحه مساحة أكبر للتحدث بحرية. في هذه الحوارات، يؤكد ترامب على آراء غير مثبتة، مثل إمكانية وجود حياة على المريخ وتأثير طواحين الهواء على الحيتان. بينما يزداد قرب الانتخابات، فإنه يتبع جدول حملته بشكل أكثر جنونًا، حيث يتحدث عن مواضيع مثل أمن الحدود والجريمة ولكنه يخصص أيضًا وقتًا للخروج عن النص والحديث عن أمور عادية.
في الآونة الأخيرة، استطاع ترامب أن يلفت الأنظار بأحداث غير مرتبطة بكيفية إدارته للبلاد، حيث قام بتحويل إحدى التجمعات إلى عرض راقص وطبخ بطاطس مقلية في مطعم ماكدونالدز. الأبحاث تشير إلى أن ترامب يركز على جذب قاعدة مؤيده، معتقدًا أن ما يقوله، بغض النظر عن عدم اتساقه، هو ما يخاطبهم بشكل مباشر. ومع ذلك، يرى خبراء أنه إذا كان ترامب يرغب في توسيع قاعدة دعمه، فمن الضروري له الابتعاد عن الخطابات العشوائية والتركيز على القضايا المهمة للناخبين.