أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية يوم الأحد الماضي عن نيتها نشر وحدات من نظام “ثاد” للدفاع الصاروخي في إسرائيل، تحت إطار جهودها لتعزيز الدفاعات الجوية الإسرائيلية في أعقاب الهجمات الصاروخية التي شنتها إيران في بداية أكتوبر/تشرين الأول. وصفت وزارة الدفاع الأمريكية هذا الإجراء بأنه يمثل جزءًا من التعديلات الأوسع التي قام بها الجيش الأمريكي لدعم إسرائيل. تجدر الإشارة إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها نشر نظام “ثاد” في الشرق الأوسط، إذ سبق أن تم نشره في إسرائيل عام 2019 خلال تدريبات مشتركة، ولكن الظروف الحالية تستدعي هذا التحرك نظراً للتصعيد المحتمل من قبل إيران، مما يزيد من الضغوط على الدفاعات الجوية الإسرائيلية.

نظام “ثاد” هو اختصار لعبارة “الدفاع الصاروخي للمناطق المرتفعة الطرفية”، ويعد نظامًا أمريكيًا متقدماً يهدف إلى اعتراض الصواريخ الباليستية قصيرة ومتوسطة المدى أثناء مراحلها النهائية. يبلغ مداه حوالي 200 كيلومتر وارتفاعه يصل حتى 150 كيلومتر. يعتمد هذا النظام على تقنية “الضرب للقتل”، حيث يقوم بتدمير الصواريخ بواسطة الاصطدام المباشر دون استخدام رأس حربي متفجر. يعتمد نظام “ثاد” بشكل كبير على دقة الإصابة، ويستخدم رادارًا متطورًا من نوع “إيه إن/تي بي واي-2” الذي يمكنه اكتشاف وتحديد موقع الصواريخ الباليستية بدقة من مسافات بعيدة.

رغم أن “ثاد” ليس جزءًا أصليًا من منظومة الدفاع الإسرائيلية، فإن إسرائيل تمتلك نظاماً دفاعياً متقدماً مكوناً من طبقات متعددة، تشمل القبة الحديدية للدفاع عن الأهداف ضد الصواريخ قصيرة المدى، ومنظومة مقلاع داود لاعتراض الصواريخ متوسطة المدى، ونظام “أرو” لاعتراض الصواريخ الباليستية. يأتي نشر “ثاد” في إطار توسيع درجة الحماية الإسرائيلية، خصوصاً مع وجود قلق متزايد بشأن التطورات في الصواريخ الإيرانية، التي أصبحت أكثر دقة وفتكًا في الفترة الأخيرة.

تمتلك إيران ترسانة كبيرة من الصواريخ الباليستية، والتي تتراوح من الصواريخ القصيرة المدى إلى تلك العابرة للقارات. تشير تقديرات الجنرال كينيث ماكنزي إلى أن إيران تمتلك أكثر من 3 آلاف صاروخ باليستي. وقد حققت إيران تقدمًا ملحوظًا في تحسين دقة صواريخها الباليستية، حيث تم تجهيز بعض صواريخها بأنظمة توجيه متطورة. هذه التطورات تضع ضغوطًا جديدة على أنظمة الدفاع الإسرائيلية، التي قد تواجه تحديات في صد هجمات متعددة وعالية الكثافة.

تستخدم إيران عدة تكتيكات لمحاولة التسبب في إرباك أو تجاوز الدفاعات الجوية الإسرائيلية. يعتمد أحد هذه التكتيكات على الإغراق، من خلال إطلاق عدد كبير من الصواريخ في فترة زمنية قصيرة لزيادة الضغط على أنظمة الدفاع. وكما تم الإشارة إليه، فإن الدفاعات الإسرائيلية، بما في ذلك القبة الحديدية، يمكن أن تكون في حالة إجهاد عند مواجهة هجمات صاروخية ضخمة. على سبيل المثال، يمكن لهجوم منسق من مئات الصواريخ الباليستية أن يعرض أنظمة الدفاع للتحديات، مما يزيد من احتمالية تسرب بعض الصواريخ إلى أهدافها.

إلى جانب تطوير الصواريخ، تعمل إيران أيضًا على تعزيز قدرتها من خلال تطوير صواريخ فرط صوتية. في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، أعلنت إيران أنها طورت أول صاروخ فرط صوتي، مما يجعلها واحدة من الدول القليلة التي تمتلك هذه التقنية المتقدمة. تمتاز الصواريخ الفرط صوتية بسرعة تجاوز 5 أضعاف سرعة الصوت وقدرتها على المناورة أثناء الطيران، مما يجعلها صعبة الاعتراض من قبل أنظمة الدفاع التقليدية. هذا التقدم يمثل تهديدًا مباشرًا لنظم الدفاع الإسرائيلية، خاصة في حال تم استخدامها في ضربة شاملة تشمل تنوعاً من وسائل الهجوم.

باختصار، تعمل إيران على تطوير ترسانتها الدفاعية والهجومية، بهدف تحسين فعاليتها حال مواجهة أي ضربة محتملة من قبل إسرائيل. من خلال الاستفادة من التكتيكات الحديثة والتقنيات المتقدمة مثل الصواريخ الفرط صوتية، تسعى طهران إلى ان تكون قادرة على الردع الفعال ضد إسرائيل، في ظل ميزان القوى الذي لا يزال يميل لصالح الأخيرة. الوضع الحالي يتطلب من إسرائيل وواشنطن إعادة تقييم استراتيجياتهم الدفاعية في ضوء هذه التهديدات المتزايدة.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version